قلت: هذا، الإشارة إما إلى نفس الفراق، كقولك: هذا أخوك، أو إلى الوقت الحاضر، أي: هذا وقت الفراق.
أو إلى السؤال الثالث. و (بَيْنِي) : ظرف مضاف إليه المصدر مجازًا، وقرئ بالنصب، على الأصل، وغَصْباً:
مصدر نوعي ليأخذ.
يقول الحق جلّ جلاله: قالَ الخضر عليه السلام: هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ فلا تصحبني بعد هذا، سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً أي: سأخبرك بالخبر الباطن، فيما لم تستطع عليه صبرًا لكونه منكرًا في الظاهر، فالتأويل: رجوع الشيء إلى مآله، والمراد هنا: المآل والعاقبة، وهو خلاص السفينة من اليد العادية، وخلاص أَبَوَيْ الغلام من شره، مع الفوز بالبدل الأحسن، واستخراج اليتيمين للكنز، وفي جعل صلة الموصول عدم استطاعته، ولم يقل:«بتأويل ما رأيت» نوعُ تعريضٍ به، وعتابه عليه السلام.
ثم جعل يفسر له، فقال: أَمَّا السَّفِينَةُ التي خرقتُها، فَكانَتْ لِمَساكِينَ: ضُعفاء، لا يقدرون على مدافعة الظلمة، فسماهم مساكين لذلهم وضعفهم، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المَسَاكِينِ»«١» . فلم يُرد مسكنة الفقر، وإنما أراد التواضع والخضوع، أي: احشرني مخبتًا متواضعًا، غير جبار ولا متكبر، وقيل: كانت السفينة لعشرة إخوة: خمسة زَمْنَى»
، وخمسة يَعْمَلُونَ فِي
(١) أخرجه الترمذي فى (الزهد، باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم) ، وابن ماجة (فى الزهد، باب مجالسة الفقراء) . (٢) أخرجه الترمذي فى (الزهد، باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم) ، وابن ماجة (فى الزهد، باب مجالسة الفقراء) .