قلت:(عند الله) : معمول لعدة لأنها مصدر، و (في كتاب الله) : صفة لاثني عشر، و (يوم) : متعلق بالثبوت المقدر في الخبر، أي: ثابتة في كتاب الله يوم خلق الأكوان والزمان، وقوله:(منها) : أي: الأشهر، ثم قال:(فيهن) .
وضابط الضمير إن عاد على الجماعة المؤنثة، حقيقة أو مجازاً، إن كانت أكثر من عشرة، قلتَ: منها وفيها، وإن كانت أقل من عشرة، قلت: منهن وفيهن، قال تعالى: يَأْكُلُهُنَّ «٢» وقال هنا: (فيهن) . انظر الإتقان. و (كافة) :
حال من الفاعل أو المفعول.
يقول الحق جلّ جلاله: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ في كل سنة عِنْدَ اللَّهِ في علم تقديره، اثْنا عَشَرَ شَهْراً: أولها المحرم، وآخرها ذو الحجة. وأول من جعل أولها المحرم: عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
وهذه العدة ثابتة فِي كِتابِ اللَّهِ اللوح المحفوظ، أو في حكمه، أو القرآن، يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، أي: هذا أمر ثابت في نفس الأمر منذ خلق الله الأجرام والأزمنة، مِنْها أي: الأشهر أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ واحد فرد، وهو رجب، وثلاثة سَرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أي: تحريم الأشهر الحرم هو الدين القويم، دين إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- وتمسكت به العرب حتى غيَّره بعضهم بالنسيء، فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بهتك حرمتها والقتال فيها، ثم نسخ بقوله: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً أي: في الأزمنة كلها كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً لأنهم، إن قاتلتموهم فيها قاتلوكم فهذا نسخ لتحريم القتال في الأشهر الحرم.
(١) أي يتغير، وأصله: قلة النضارة وعدم إشراق اللون، من قولهم: مكان أمعر، وهو الجدب الذي لا خصب فيه ... انظر النهاية فى غريب الحديث (معر) ، واللسان (معر) . (٢) من الآية ٤٦ من سورة يوسف.