قلت: وَيَوْمَ: معمول لمحذوف، أي: واذكر، أو عطف على قوله:«عند ربك» ، أي: والباقيات الصالحات خير عند ربك ويوم القيامة، و (حَشَرْناهُمْ) : عطف على (نُسَيِّرُ) للدلالة على تحقق الحشر المتفرع على البعث الذي ينكره المشركون، وعليه يدور أمر الجزاء، وكذا الكلام فيما عطف عليه منفيًا وموجبًا، وقيل: هو للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير والبروز ليعاينوا تلك الأهوال، كأنه قيل: وحشرناهم قبل ذلك. و (نُغادِرْ) : نترك، يقال: غادره وأغدره: إذا تركه، ومنه: الغدير لما يتركه السيل في الأرض من الماء، وَفًّا)
: حال، أي: مصْطفين.
يقول الحق جلّ جلاله: وَاذكر يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ أي: حين نقلعها من أماكنها ونسيرها في الجو، على هيئتها، كما ينبئ عنه قوله تعالى: وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ «١» أو: نسير أجزاءها بعد أن نجعلها هباء منثورًا، والمراد من ذكره: تحذير الغافلين مما فيه من الأهوال، وقرئ:«تُسَيَّر» بالبناء للمفعول جريًا على سَنَن الكبرياء، وإيذانًا بالاستغناء عن الإسناد إلى الفاعل لظهور تعينه، ثم قال: وَتَرَى الْأَرْضَ أي:
جميع جوانبها، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يسمع، بارِزَةً: ظاهرة، ليس عليها جبل ولا غيره. بل تكون قَاعاً صَفْصَفاً، لاَّ تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً «٢» . وَحَشَرْناهُمْ: جمعناهم إلى الموقف من كل حدب، مؤمنين وكافرين، فَلَمْ نُغادِرْ أي: لم نترك مِنْهُمْ أَحَداً.
عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ
، شبهت حالتهم بحال جُنْدٍ عُرِضَ على السلطان، ليأمر فيهم بما يأمر. وفي الالتفات إلى الغيبة، وبناء الفعل للمفعول، مع التعرض لعنوان الربوبية، والإضافة إلى ضميره- عليه الصلاة والسلام- من
(١) الآية ٨٨ من سورة النمل. (٢) الآيتان ١٠٧- ١٠٨ من سورة طه. [.....]