وتضع كل ذات حمل حملها كذلك، أو تضع كل ذات حمل أثقالها بالغيبة في ربها، وترى الناس سكارى من خمر المحبة، وما هم بسكارى من شراب الدَّوالي «١» ، لكن من خمر الكبير المتعالي، كما قال الششتري في الخمرة الأزلية- بعد كلام:
قلت:(وَمِنَ النَّاسِ) : خبر، و (مَن يجادل) : مبتدأ، و (بِغَيْرِ عِلْمٍ) : حال من ضمير «يُجادل» ، و (أَنَّهُ) : نائب فاعل (كُتِبَ) ، أي: كتب عليه إضلال من تولاه، و (فإنه) : مَنْ فتح: عنده خبر عن مبتدأ مضمر، أي: فشأنه أن يضله، والجملة جواب «مَن» ، إن جعلتها شرطية، وخبر، إنْ جعلتها موصولة متضمنة لمعنى الشرط، ومن كسر: فخبر، أو جواب «مَنْ» .
يقول الحق جلّ جلاله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ ويخاصم فِي اللَّهِ أي: في شأنه، ويقول مالا يليق بجلال كبريائه وكمال قدرته، ملابسًا بِغَيْرِ عِلْمٍ، بل بجهل عظيم حمله على ما فعل. نزلت فى النضر ابن الحارث، وكان جَدلاً، يقول: الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، ولا بعث بعد الموت، والله غير قادر على إحياء من بَلى وصار رميمًا «٣» . وهي عامة له ولأضرابه من العتاة المتمردين، وكل من يخاصم في الدين بالهوى. وَيَتَّبِعُ في ذلك كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ عاتٍ متمرد، مستمر في الشر. قال الزجاج: المَريد والمارد: المرتفع الأملس، أي: الذي لا يتعلق به شيء من الخير، والمراد: إما رؤساء الكفرة الذين يدعونهم إلى الكفر، وإما إبليس وجنوده.
(١) أي: العنب. وراجع التعليق على إشارة الآية ٢١٩ من سورة البقرة. (٢) أي: الساعة. (٣) ذكره البغوي فى تفسيره (٥/ ٣٦٥) . [.....]