وَتُمَثَّلُ لَهُ أَعْمَالُهُ بِأَعْمَالِ غَيْرِهِ] (١) ، وَلِهَذَا ضَرَبَ الْمَلَكَانِ الْمَثَلَ لِدَاوُدَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (٢) بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ - قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} [سُورَةُ: ص: ٢٣ - ٢٤] الْآيَةَ. وَضَرْبُ الْأَمْثَالِ مِمَّا يَظْهَرُ بِهِ الْحَالُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الْعَقْلِيُّ الَّذِي يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ. قَالَ (٣) تَعَالَى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [سُورَةُ الرُّومِ: ٢٧] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: ٤٣] . (٤) [وَهَذَا مِنَ الْمِيزَانِ الَّذِي أَنْزَلَهُ (٥) اللَّهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [سُورَةُ الشُّورَى: ١٧] ، وَقَالَ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [سُورَةُ الْحَدِيدِ: ٢٥] .
وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبُيِّنَ أَنَّ كُلَّ قِيَاسٍ عَقْلِيٍّ شُمُولِيٍّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ أَوْ غَيْرِ طَرِيقِهِ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْقِيَاسِ التَّمْثِيلِيِّ وَأَنَّ مَقْصُودَ الْقِيَاسَيْنِ وَاحِدٌ، وَكِلَاهُمَا دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْمِيزَانِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ بَعْضُهُ بَاطِلٌ وَبَعْضُهُ تَطْوِيلٌ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، بَلْ ضَرَرُهُ فِي الْغَالِبِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ
(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٢) عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٣) ع: فَقَالَ.(٤) الْكَلَامُ بَعْدَ الْقَوْسِ فِي (ع) فَقَطْ وَيَنْتَهِي فِي الصَّفْحَةِ التَّالِيَةِ.(٥) فِي الْأَصْلِ: أَنْزَلَهَا. وَجَاءَ فِي " الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ " أَنَّ الْمِيزَانَ مُذَكَّرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute