وقال ابن قتيبة (١) مبيِّنًا طريقة استدلال أهل السُّنَّة: "فأمَّا أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من وجهته وتتبعوه من مظانَّه، وتقربوا من الله تعالى باتباعهم سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلبهم لآثاره وأخباره"(٢).
وارتبط أهل السُّنَّة بالنصوص نفيًا وإثباتًا، وقولهم هو ما دلَّت عليه النصوص، قال الإمام أحمد - رحمه الله -: "فآمركم ألا تؤثروا على القرآن شيئًا، فإنه كلام الله - عز وجل - ... ثم بعد كتاب الله: سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحديث عنه وعن المهديين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - "(٣)"قال الله - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(٤).
وتفسير الآية "أي إلى كتاب الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما دام حيًا، وبعد وفاته إلى سنته، والرد إلى الكتاب والسُّنَّة واجب إن وجد فيهما، فإن لم يوجد فسبيله الاجتهاد" (٥).
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: - صلى الله عليه وسلم - «خطَّ لنا رسول الله يومًا خطًّا ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: هذه سبلٌ على كلِّ سبيل شيطان يدعو إليه ثم تلا قول الله - عز وجل -: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
(١) هو أبو محمد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، صاحب التصانيف، قال عنه الذهبي: الرَّجُل ليس بصاحب حديث، وإنما هو من كبار العلماء المشهورين، عنده فنون جمَّة وعلوم مهمَّة منها: غريب القرآن، غريب الحديث، مشكل الحديث، توفي سنة ٢٧٦ هـ. ينظر: وفيات الأعيان ٣/ ٤٢ - ٤٣، سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٩٦ - ٣٠٢. (٢) تأويل مختلف الحديث، ص ٥١. (٣) طبقات الحنابلة ١/ ٣٤٢. (٤) سورة النساء: ٥٩. (٥) تفسير البغوي ٢/ ٢٤٢.