كذلك وردت أحاديث صحيحة ونصَّت على أنَّ من يفعل هذا الفعل فقد فعل كبيرة، ومنها:
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال:«الإشراك بالله، وعقوق الوالدين»، وكان متكئًا فجلس فقال:«ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور»(١).
وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«الكبائرُ: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النَّفس، واليمين الغموس»(٢).
ويُلاحظ زيادة (عقوق الوالدين، وشهادة الزور) في الحديث الأول، و (اليمين الغموس) في هذا الحديث، فهذه نصوصٌ صحيحةٌ دلَّت على أنَّ هذه الأفعال من الكبائر.
الضرب الثاني: وهو تعريف الكبيرة -بضابط- دون ذكر عددٍ معيَّن مع اختلافهم في التعريف.
عرَّفها ابن عجيبة بقوله:"ما يكبر عقابه من الذنوب، وهو ما رتب عليه الوعيد بخصوصه"(٣).
ونقل قول ابن عطيه - رحمه الله - (٤): "وتحرير القول في الكبائر: أنها كل معصية يوجد
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر، ١٠/ ٤٠٥، رقم ٥٩٧٦. (٢) أخرجه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب اليمين الغموس، ١١/ ٥٦٤، رقم ٦٦٧٥. (٣) البحر المديد ٥/ ٥١١. (٤) هو: أبو محمد، عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي، ولد سنة ٤٨٠ هـ، له مصنفات منها: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، فهرس ابن عطيه، وتوفي سنة ٥٤٢ هـ. ينظر: الوافي بالوفيات ١٨/ ٤٠.