ثم فصل في الأعمال فقال:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} أي: حسناته، أو الميزان الذي يوزن به حسناته، وجمعه باعتبار اختلاف الموزونات وتعدد الوزن، فعلى الأول هو جمع موزون، وعلى الثاني جمع ميزان، فمن رجحت حسناته {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}" (١).
ورَأْيُ ابن عجيبة موافقٌ لأقوال أهل العلم، قال البقاعي (٢): " {وَالْوَزْنُ} بميزانٍ حقيقيٍّ لصحف الأعمال أو للأعمال أنفسها بعد تصويرها بما تستحقه من الصور أو بغير ذلك بعد أن يقذف الله في القلوب العلم به" (٣).
وقال ابن حجر - رحمه الله -: "وأجمع أهل السُّنَّة على الإيمان بالميزان، وأنَّ أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأنَّ الميزان له لسانٌ وكفَّتان، ويميل بالأعمال" (٤).
وقال أبو حاتم (٥) وأبو زرعة (٦): "أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازًا وعراقًا
(١) البحر المديد ٢/ ٤٦٥، وينظر: تفسير البيضاوي ٣/ ٦. (٢) هو: أبو الحسن، إبراهيم بن عمر بن حسن الرُّباط برهان الدين البقاعي الشافعي، ولد سنة ٨٠٩ هـ، محدِّث ومفسِّر، مقرئ، من شيوخه: محمد بن محمد الجزري، وابن حجر العسقلاني، له مؤلفاتٌ منها: تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد، وتنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي، توفي سنة ٨٨٥ هـ. ينظر: إمتاع الفُضَلاء بتَراجِم القُرَّاء فِيما بعد القرن الثامِن الهجري ٢/ ٧٤. (٣) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ٧/ ٣٥٩، وينظر: تفسير القرآن العظيم ٣/ ٣٨٩. (٤) فتح الباري ١٣/ ٥٣٨، وينظر: أصول السُّنَّة، ص ١٦٢. (٥) هو: محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحافظ الغطفاني، أحد الأعلام، محدِّثٌ حافظ، قال عن نفسه: كتبت الحديث سنة ٢٠٩ هـ، ولد سنة ١٩٥ هـ، وتوفي سنة ٢٧٧ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٤٧، تذكرة الحُفَّاظ ٢/ ٥٦٧. (٦) هو: أبو زرعة، عُبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ الرازي، مُحدِّث الرَّي، من مؤلفاته: كتاب الضعفاء والمتروكين، توفي سنة ٢٦٤ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٦٥، تذكرة الحُفَّاظ ٢/ ٥٥٧.