وقال ابن جرير:" ... ولكن رسول الله وخاتم النَّبيين، ختم النبوة فطبع عليها فلا تُفتح لأحدٍ بعده إلى قيام الساعة"(١).
ولقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ رسالته خاتمة الرِّسالات، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجلٍ بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون ويعجبون ويقولون: هلا وُضعت هذه اللِّبنة؟ قال: فأنا اللِّبنة، وأنا خاتم النَّبيين»(٢).
يقول ابن حجر - رحمه الله -: "وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام، وفضل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على سائر النَّبيين، وأنَّ الله ختم به المرسلين، وأكمل به الشرائع"(٣).
فالإيمان بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "واجبٌ متعيِّنٌ لا يتمُّ إيمانٌ إلَّا به، ولا يصحُّ إسلامٌ إلا معه"(٤)، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأُمَّة يهوديٌّ ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار»(٥).
ولهذا كانت رسالة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عامَّةً وشاملةً لجميع النَّاس، ونسخ الملل كلّها.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "وعموم رسالته - صلى الله عليه وسلم - بالنِّسبة إلى كلِّ ما يحتاج إليه العباد في معارفهم وعلومهم وأعمالهم، وأنه لم يحوج أُمَّته إلى أحدٍ بعده، وإنما حاجتهم إلى
(١) جامع البيان في تأويل القرآن ١٩/ ٢٨. (٢) أخرجه البخاري، واللفظ له، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين ٦/ ٥٥٨، رقم ٣٥٣٤. (٣) فتح الباري ٦/ ٥٥٩. (٤) الشفا بحقوق المصطفى ٢/ ٤. (٥) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس ونسخ الملل كلها ٢/ ١٨٦، رقم ١١٦.