والذكر، قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(٢)، (٣).
قال ابن جرير الطبري: "ولكلِّ اسمٍ من أسمائه الأربعة في كلام العرب معنًى ووجهٌ غيرُ معنى الآخر ووجهه.
فأمَّا (القرآن)، فإنَّ المفسرين اختلفوا في تأويله، والواجبُ أن يكون تأويله على قول ابن عباس - رضي الله عنهما - من التلاوة والقراءة، وأن يكون مصدرًا من قول القائل: قرأت، كقولك:(الخُسران) من (خَسِرت) ..
وأما تأويل اسمه الذي هو (فُرْقان)، فإن تفسيرَ أهل التفسير جاء في ذلك بألفاظ مختلفة، هي في المعاني مؤتلفة ... وأصل (الفُرْقان) عندنا: الفرقُ بين الشيئين والفصل بينهما, وقد يكون ذلك بقضاءٍ، واستنقاذٍ، وإظهارِ حُجَّةٍ، ونَصْرٍ، وغير ذلك من المعاني المفرِّقة بين المحقِّ والمبطِل.
فقد تبيَّن بذلك أنَّ القرآن سُمِّي (فرقانًا)، لفصله -بحججه وأدلَّته وحدود فرائضه وسائر معاني حُكمه- بين المحق والمبطل، وفرقانُه بينهما: بنصره المحقِّ، وتخذيله المبطل، حُكمًا وقضاءً.
وأما تأويل اسمه الذي هو (كتابٌ)، فهو مصدرٌ من قولك (كتبتُ كتابًا) كما تقولُ: قمتُ قيامًا، وحسبتُ الشَّيءَ حسابًا.
والكتابُ هو خطُّ الكاتب حروفَ المعجم مجموعةً ومفترقة، وسُمي (كتابًا)، وإنما هو مكتوب ... يعني به مكتوبًا.
(١) سورة الكهف: ١. (٢) سورة الحجر: ٩. (٣) ينظر: جامع البيان في تفسير القرآن، للطبري ١/ ٩٤.