والقول الثاني وهو المشهور عن أبي الحسن (٢): أنَّ الأسماء ثلاثة أقسام: تارة يكون الاسم هو المسمَّى كاسم الموجود، وتارة يكون غير المسمَّى كاسم الخالق، وتارة لا يكون هو ولا غيره كاسم العليم والقدير.
وهؤلاء الذين قالوا: إنَّ الاسم هو المسمَّى لم يريدوا بذلك أنَّ اللَّفظ المؤلَّف من الحروف هو نفس الشخص المسمَّى به، فإنَّ هذا لا يقوله عاقل؛ ولهذا يقال: لو كان الاسم هو المسمَّى لكان من قال: نار احترق لسانه، ومن الناس من يظنُّ أنَّ هذا مرادهم، ويشنِّع عليهم، وهذا غلطٌ عليهم؛ بل هؤلاء يقولون: اللَّفظ هو التسمية، والاسم ليس هو اللَّفظ؛ بل هو المراد باللَّفظ فإنَّك إذا قلتَ: يا زيد، يا عمرو، فليس مرادك دعاء اللَّفظ، بل مرادك دعاء المسمَّى باللَّفظ، وذكرت الاسم فصار المراد بالاسم هو المسمَّى.
وهذا لا ريب فيه إذا أخبر عن الأشياء فذُكِرَتْ أسماؤها، فقيل:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}(٣)، [{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(٤)]-[٠٣٣:] ٠٤٠ - {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(٥)، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}(٦) فليس المراد أنَّ هذا اللَّفظ هو الرَّسُول، وهو الذي كلَّمه الله.
(١) مجموع الفتاوى ٦/ ١٨٧ - ١٨٨. (٢) أبو الحسن، علي بن إسماعيل بن إسحاق الأشعري، من نسل الصحابي أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، وكان في بداية أمره على مذهب المعتزلة، ثم انتقل إلى مذهب الكُلَّابية، توفي سنة ٣٤٢ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٥/ ٨٥. (٣) سورة الفتح: ٢٩. (٤) سورة الأحزاب: ٤٠. (٥) سورة الأحزاب: ٤٠. (٦) سورة النساء: ١٦٤.