وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي (١) قال: سألت ابن عباس - رضي الله عنهما - عن المتعة (٢) فأمرني بها، وسألته عن الهدي فقال: فيها جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم وكأن ناسًا كرهوها فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانا ينادي حج مبرور ومتعة متقبَّلة فأتيت ابن عباس - رضي الله عنهما - فحدثته فقال: الله أكبر سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - " (٣).
قال ابن حجر - رحمه الله -: "يؤخذ منه الاستئناس بالرؤيا لموافقة الدليل الشرعي وعرض الرؤيا على العالم" (٤).
وقال ابن تيمية: "والرؤيا المحضة التي لا دليل على صحتها لا يجوز أن يثبت بها شيءٌ بالاتفاق" (٥).
وقال الشاطبي: "وأضعف هؤلاء احتجاجًا قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المقامات وأقبلوا وأعرضوا بسببها فيقولون: رأينا فلانًا الرَّجل الصالح فقال لنا: اتركوا كذا واعملوا كذا، ويتفق مثل هذا كثيرًا للمتمرسين برسم التصوف (٦)، وربما قال بعضهم: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فقال لي كذا وأمرني بكذا فيعمل بها ويترك بها
(١) أبو جمرة, نصر بن عمران الضُبعي، أحد أئمَّة العلم، ثقة، نزيل خراسان، روى عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهما -، مات سنة ١٢٨ هـ. ينظر: الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة ٢/ ٣١٩. (٢) المقصود العمرة في أشهر الحج، ينظر: فتح الباري، لابن حجر ٣/ ٤٢٣. (٣) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب فيمن تمتَّع بالعمرة إلى الحج ١/ ٥١٥، رقم ١٦٨٨، ومسلم، كتاب الحج، باب جواز العمرة في أشهر الحج ٢/ ٩١١، رقم ١٢٤٢. (٤) فتح الباري ٣/ ٤٣١. (٥) مجموع الفتاوى ٢٧/ ٤٥٧. (٦) المتمرسون: من التمرُّس، وهو شدة الالتواء، والتلاعب بالدين والعبث به، والمقصود بهم هنا المقلدون للصوفية، ينظر: النهاية في غريب الحديث ٤/ ٣١٨.