تقي الدين (١)؛ لأنَّ في ولايته حقًّا لله، وإن قيل: إنَّه وكيل؛ فهو شبيه بنسخ الأحكام (٢) لا يثبت قبل بلوغ النَّاسخ على الصَّحيح، بخلاف الوكالة المحضة، قال: وهذا هو المنصوص عن أحمد.
وأيضًا؛ فإن ولاية القاضي عامة؛ لما يترتَّب عليها من عموم العقود والفسوخ؛ فتعظم البلوى بإبطالها قبل العلم، بخلاف الوكالة.
وقد ذكرنا عن ابن عقيل فيما سبق في المضاربة: أنَّها لا تنفسخ بفسخ المضارب حتَّى يعلم ربُّ المال.
ومنها: الوديعة، وقد ذكر القاضي في مواضع كثيرة من «خلافه»: أنَّ للمودِع فسخها بالقول في غيبة المودَع، وتنفسخ قبل علم المودَع بالفسخ، وتبقى في يده أمانة؛ كمن أطارت الرِّيح إلى بيته ثوباً لغيره.
ثمَّ إنه ذكر في مسألة الوكالة: أنَّ الوديعة لا يلحقها الفسخ بالقول، وإنَّما تنفسخ بالرَّدِّ إلى صاحبها، أو بأن يتعدَّى المودَع فيها، فلو قال المودَع بمحضر ربِّ الوديعة أو في غيبته: فسخت الوديعة، أو أزلت نفسي عنها؛ لم تنفسخ قبل أن تصل إلى صاحبها، ولم يضمنها.
فإمَّا أن يكون هذا تفريقاً بين فسخ المودِع والمودَع، أو يكون
(١) ينظر: الاختيارات ص ٢٠٩. (٢) قال ابن نصر الله رحمه الله: لعلَّ وجه الشَّبه بينهما: ما فيهما من عموم حكمهما، بخلاف الوكالة.