قال - رحمه الله -: «وَجَائِزٌ أَنْ تَلِيَ الْمَرْأَةُ الْحُكْمَ ـ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ـ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ وَلَّى الشِّفَاءَ ـ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِهِ ـ السُّوقَ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إلَى امْرَأَةٍ» (١).
قُلْنَا: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي الأَمْرِ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ الْخِلافَةُ» (٢).
الجواب:
١ - سبق بيان أن هذا القول ليس قول أبي حَنِيفَةَ - رحمه الله - (٣).
٢ - ابن حزم - رحمه الله - لما ذكر الرواية عَنْ عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ وَلَّى الشِّفَاءَ ـ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِهِ ـ السُّوقَ، في كتابه (المحلى) لم يُسنِدْها على خلاف صنيعه وذكرها بصيغه التمريض فقال: (وَقَدْ رُوِيَ ... )، وهذا يدل على عدم صحتها عنده، وقد سبق بيان ضعفها (٤).
٣ - من العجب أن يستدل ابن حزم بفعل عمر - رضي الله عنه - مع أنه ينفي حجية رأي الصحابي، وأعجب من هذا أنه يستأنس بقول أبي حنيفة مع أنه أوسعه في غير هذا الموضع تشنيعًا وتجريحًا.
٤ - والأعجب أن ابن حزم يرى أن المرأة لا تُزَوِّجَ نفسَها ولا غيرها، ثم يرى جواز تقليدها القضاء لتُزَوِّج غيرها بمقتضى ولاية القضاء (٥).
٥ - قد سبق الرد على من قال: إن الحديث خاص بتولى رئاسة الدولة فقط دون سائر الولايات العامة (٦).
(١) رواه الإمام أحمد بهذا اللفظ، وصححه الأرنؤوط، ورواه البخاري بلفظ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». (٢) الْمُحَلَّى بِالآثَارِ (٩/ ٤٢٩). (٣) انظر ص ٦٥٠ (٤) انظر ص ٦٥١ (٥) انظر المحلى (٩/ ٤٥٥ - ٤٦٠) [وانظر: الاختصاص القضائي د. ناصر الغامدي] (٦) انظر ص ٦٤٧