وعند التأمل لا يفهم منها إقرارهم هذا الأمر، فليس فيها دليل على جواز الاختلاط، وعلى فرض أن فيها دليلًا فلا يحتج بأقوال الصحابة ولا أفعالهم إن خالفت أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ونهيه؛ لأن قول الصحابي وفعله لا اعتبار له إذا خالف الكتاب والسنة؛ قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)} (النساء: ٥٩).
الشبهة السادسة والسبعون:
عيادة عائشة لبلال - رضي الله عنهما -:
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ:«لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ - رضي الله عنهما -، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، قُلْتُ: «يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟، وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟»(رواه البخاري)(١).
الجواب:
١ - دخول عائشة على بلال - رضي الله عنه - ليس فيه دليل على جواز الاختلاط؛ لأن ذلك كان قبل نزول آيات الحجاب بخمس سنين؛ ويدل على ذلك قولها - رضي الله عنها -: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْمَدِينَةَ» وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من (صحيح البخاري) أَنَّ ذَلِكَ قَبْل الْحِجَاب قَطْعًا.
وقال ابن بطال في شرحه لهذا الحديث:«وفيه عيادة الجِلّة السادة لعبيدهم؛ لأن بلالًا أعتقه أبو بكر الصديق وكانت عائشة تزوره، وكان ذلك قبل نزول الحجاب»(٢).