الشبهة التاسعة والسبعون:
مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ؟
عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ فَقَالَ: «مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ؟»، قَالُوا: «حَجَّتْ مُصْمِتَةً»، قَالَ لَهَا: «تَكَلَّمِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ؛ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ»، فَتَكَلَّمَتْ فَقَالَتْ: «مَنْ أَنْتَ؟».
قَالَ: «امْرُؤٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ».
قَالَتْ: «أَيُّ الْمُهَاجِرِينَ؟».
قَالَ: «مِنْ قُرَيْشٍ».
قَالَتْ: «مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ؟».
قَالَ: «إِنَّكِ لَسَئُولٌ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ».
قَالَتْ: «مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِي جَاءَ اللهُ بِهِ بَعْدَ الْجَاهِلِيَّةِ».
قَالَ: «بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ بِكُمْ أَئِمَّتُكُمْ».
قَالَتْ: «وَمَا الْأَئِمَّةُ؟».
قَالَ: «أَمَا كَانَ لِقَوْمِكِ رُءُوسٌ وَأَشْرَافٌ يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ؟».
قَالَتْ: «بَلَى».
قَالَ: «فَهُمْ أُولَئِكِ عَلَى النَّاسِ» (١) (رواه البخاري).
(١) قَوْله: (عَلَى اِمْرَأَة مِنْ أَحْمَسَ) بِمُهْمَلَتَيْنِ وَزْن أَحْمَد، وَهِيَ قَبِيلَة مِنْ بَجِيلَة. قَوْله: (مُصْمَتَة) أَيْ سَاكِتَة.قَوْله: (فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلّ) يَعْنِي تَرْك الْكَلَام. قَوْله: (إِنَّكِ) بِكَسْرِ الْكَاف. قَوْله: (لَسَئُول) أَيْ كَثِيرَة السُّؤَال، وَهَذِهِ الصِّيغَة يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذَكَّر وَالْمُؤَنَّث. قَوْله: (مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الْأَمْر الصَّالِح) أَيْ دِين الْإِسْلَام وَمَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَدْل وَاجْتِمَاع الْكَلِمَة وَنَصْر الْمَظْلُوم وَوَضْع كُلّ شَيْء فِي مَحَلّه.قَوْله: (مَا اِسْتَقَامَتْ بِكُمْ أَئِمَّتكُمْ) أَيْ لِأَنَّ النَّاس عَلَى دِين مُلُوكهمْ، فَمَنْ حَادَ مِنْ الْأَئِمَّة عَنْ الْحَال مَالَ وَأَمَالَ.(قاله الحافظ ابن حجر في (فتح الباري ٧/ ١٤٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute