(لم يبق منها أبد الأبيد ... غير ثلاث ماثلات سود [١]
وغير مرضوخ القفا موتود) ... أشعث باقى رمّة التّقليد [٢]
٩٢٤* وكان ذو الرّمة أحد عشّاق العرب المشهورين بذلك، وصاحبته ميّة بنت فلان بن طلبة [٣] بن قيس بن عاصم بن سنان.
قال أبو سوّار الغنوىّ [٤] : رأيت ميّة وإذا معها بنون لها صغار، فقلت:
صفها لى، فقال: مسنونة الوجه [٥] طويلة الخدّ شمّاء الأنف عليها وسم جمال. فقالت: ما تلقّيت بأحد من بنىّ هؤلاء إلّا فى الإبل [٦] ، قلت:
أفكانت تنشدك شيئا ممّا قال فيها ذو الرّمّة؟ قال: نعم، كانت تسحّ سحّا [٧] ما رأى أبوك مثله.
٩٢٥* وكثت ميّة زمانا لا ترى ذا الرّمّة وتسمع شعره، فجعلت لله عليها أن تنحر بدنة يوم تراه، فلمّا رأته رأت رجلا دميما أسود، وكانت من أجمل النساء، فقالت: واسوأتاه! وا بؤساه! فقال ذو الرمّة:
على وجه مىّ مسحة من ملاحة ... وتحت الثّياب الشّين لو كان باديا [٨]
[١] أبد الأبيد: أى أبد الدهر، يقال «لا أفعل ذلك أبدا الأبيد» و «أبد الآباد» و «أبد الأبدية» ونحو ذلك. [٢] مرضوخ: من الرضخ، وهو الدق والكسر. موتود: مثبت، يقال «وتدت الوتد أتده» أى أثبته. والأبيات فى اللسان ١٥: ١٤٣. [٣] هكذا أبهم المؤلف اسم أبيها، لعله نسيه، أو من أجل الاختلاف فيه، ففى اللآلى أنها «بنت عاصم بن طلبة» وفى ابن خلكان «ابنة مقاتل بن طلبة» . [٤] هذا يوافق ما فى الأغانى ١٦: ١١٥ نقلا عن الجمحى. وفى هـ «أبو ضرار الغنوى» وهو يوافق ما فى ابن خلكان نقلا عن ابن قتيبة فى هذا الكتاب. [٥] مسنونة الوجه: مخروط وجهها أسيل كأنه قد سن عنه اللحم. [٦] يقال: «تقلت المرأة» و «هى متلق» أى علقت. [٧] تسح سحّا: أصل «السح» سيلان الماء من فوق وشدة انصبابه، يريد أنها تكثر الإنشاد وتسرع فيه بقوة. [٨] مسحة من ملاحة: شىء منها. والبيت فى اللسان ٣: ٤٣٤.