بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً: هو افتنان المقلّ بالمثري والضّويّ «٣» بالقويّ.
أَتَصْبِرُونَ: أي: على هذه الفتنة أم لا تصبرون فيزداد غمكم.
وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً: بالحكمة في اختلاف المعاش.
ويحكى أنّ بعض الصالحين تبرّم «٤» بضنك عيشه، فخرج ضجرا فرأى أسود خصيا في موكب عظيم، فوجم لذلك، فإذا بإنسان قرأ عليه: وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ فتنبّه وازداد تبصّرا أو تصبّرا.
٢١ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا: لا يخافون «٥» ، وجاز «يرجو» بمعنى يخاف لأنّ الراجي قلق فيما يرجوه كالخائف.
٢٢ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً: كان الرجل في الجاهليّة يقول لمن يخافه في أشهر الحرم: حِجْراً مَحْجُوراً: أي: حراما محرّما عليك قتلي في هذا الشهر، فلا يبدأه بشرّ، فإذا كان القيامة رأى المشركون ملائكة
(١) ينظر الصحاح: ٤/ ١٣٦٨، واللسان: ٩/ ١٩٠ (صرف) . (٢) ذكره البغوي في تفسيره: ٣/ ٣٦٤، وقال: «كما قال في موضع آخر: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ [سورة فصلت: آية: ٤٣] . وانظر هذا القول في تفسير القرطبي: ١٣/ ١٣، وغرائب التفسير للكرماني: ٢/ ٨١٢. (٣) الضّوى: الضعيف. النهاية: ٣/ ١٠٦، واللسان: ١٤/ ٤٨٩ (ضوا) . (٤) أي: سئم وملّ. ينظر النهاية: ١/ ١٢١، والصحاح: ٥/ ١٨٦٩، واللسان: ١٢/ ٤٣ (برم) . (٥) ذكره الفراء في معانيه: ٢/ ٢٦٥، وقال: «وهي لغة تهامية، يضعون الرجاء في موضع الخوف إذا كان معه جحد. من ذلك قول الله: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً، أي: لا تخافون له عظمة ... » .