- إِنَّ إِنْكَارَ المُنْكَرِ يَخْتَلِفُ عَنِ النَّصِيحَةِ مِنْ جِهَتَينِ:
١ - الإِنْكَارُ أَخَصُّ مِنَ النَّصِيحَةِ.
٢ - الإِنْكَارُ يَكُونُ عَلَنًا، أَمَّا النَّصِيحَةُ فَتَكُونُ سِرًّا.
- فِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ شُهُودِ أَمَاكِنِ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ دُونَ تَغْيِيرِهَا، كَمَا فِي الأَدِلَّةِ التَّالِيَةِ:
١ - قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَومِ الظَّالِمِينَ * وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
[الأَنْعَام: ٦٨ - ٦٩] (١).
قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ} يَشْمَلُ الخَائِضِينَ بِالبَاطِلِ وَكُلَّ مُتَكَلِّمٍ بِمُحَرَّمٍ، أَو فَاعِلٌ لِمُحَرَّمٍ؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الجُلُوسُ وَالحُضُورُ عِنْدَ حُضُورِ المُنْكَرِ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى إِزَالَتِهِ" (٢).
٢ - قَولُهُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الحَدِيثِ: «إِذَا عُمِلَتِ الخَطِيئَةُ فِي الأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا -وَقَالَ مَرَّةً: أَنْكَرَهَا- كَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا» (٣)، وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ الرَّاضِي بِالشَّيءِ كَفَاعِلِهِ.
قَالَ العَلَّامَةُ شَمْسُ الحَقِّ العَظِيمُ آبَادِي: " «فَكَرِهَهَا» أَي: بِقَلْبِهِ، «كَمَنْ غَابَ عَنْهَا» أَي: فِي عَدَمِ لُحُوقِ الإِثْمِ لَهُ، وَهَذَا عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ إِزَالَتِهَا بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ،
(١) قَولُهُ تَعَالَى: {يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا}: «يَتَكَلَّمُونَ فِيهَا بِالبَاطِلِ». التَّحْرِيرُ وَالتَّنْوِيرُ لِابْنِ عَاشُور(٧/ ٢٨٩).(٢) تَفْسِيرُ السَّعْدِيِّ (ص: ٢٦٠).(٣) حَسَنٌ. أَبُو دَاوُدَ (٤٣٤٥) عَنِ العُرْسِ بْنِ عَمِيرَةَ الكِنْدِيِّ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٦٨٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute