يُنْكِرْ قَلْبُهُ المُنْكَرَ دَلَّ عَلَى ذَهَابِ الإِيمَانِ مِنْ قَلْبِهِ" (١).
وَقَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ: " فَأَصْلُ الإِيمَانِ فِي القَلْبِ -وَهُوَ قَولُ القَلْبِ وَعَمَلُهُ-، وَهُوَ إقْرَارٌ بِالتَّصْدِيقِ، وَالحُبُّ، وَالِانْقِيَادُ، وَمَا كَانَ فِي القَلْبِ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ مُوجِبُهُ وَمُقْتَضَاهُ عَلَى الجَوَارِحِ، وَإِذَا لَمْ يُعْمَلْ بِمُوجِبِهِ وَمُقْتَضَاهُ دَلَّ عَلَى عَدَمِهِ أَو ضَعْفِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَتِ الأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ مِنْ مُوجِبِ إِيمَانِ القَلْبِ وَمُقْتَضَاهُ، وَهِيَ تَصْدِيقٌ لِمَا فِي القَلْبِ وَدَلِيلٌ عَلَيهِ وَشَاهِدٌ لَهُ، وَهِيَ شُعْبَةٌ مِنْ مَجْمُوعِ الإِيمَانِ المُطْلَقِ وَبَعْضٌ لَهُ، لَكِنَّ مَا فِي القَلْبِ هُوَ الأَصْلُ لِمَا عَلَى الجَوَارِحِ، كَمَا قَالَ
أَبُو هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «إنَّ القَلْبَ مَلِكٌ، وَالأَعْضَاءَ جُنُودُهُ؛ فَإِنْ طَابَ المَلِكُ طَابَتْ
جُنُودُهُ، وَإِذَا خَبُثَ المَلِكُ خَبُثَتْ جُنُودُهُ» (٢)، وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا «إنَّ
فِي الجَسَدِ مُضْغَةً؛ إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الجَسَدِ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الجَسَدِ؛ أَلَا وَهِيَ القَلْبُ» (٣) " (٤).
- إِنَّ تَغْيِيرَ المُنْكَرِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالأَمِيرِ فَقَطْ! بَلْ ذَلِكَ ثَابِتٌ لِآحَادِ المُسْلِمِينَ لِقَولِهِ: «مِنكُم»، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَامُرُ وَيَنْهَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا يَامُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأُمُورِ الظَّاهِرَةِ مِثْلُ الصَّلَاةِ وَالصَّومِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَكُلُّ المُسْلِمِينَ عُلَمَاءُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ دَقَائِقِ الأَفْعَالِ وَالأَقْوَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالاجْتِهَادِ وَلَمْ يَكُنْ لِلعَوَامِّ فِيهِ مَدْخَلٌ؛ فَلَيسَ لَهُم إِنْكارُه، بَلْ ذَلِكَ لِلعُلَمَاءِ.
(١) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٢٤٥).(٢) ضَعِيفٌ. شُعَبُ الإِيمَانِ (١٠٨). الضَّعِيفَةُ (٤٠٧٤).(٣) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٥٢)، وَمُسْلِمٌ (١٥٩٩).(٤) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (٧/ ٦٤٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute