«وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا» أَي: فِي المُشَارَكَةِ فِي الإِثْمِ -وَإنْ بَعُدَتِ المَسَافَةُ بَينَهُمَا-" (١).
- إِنَّ الأَمْرَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، لِقَولِهِ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيرِ وَيَامُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَونَ عَنِ المُنْكَر وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [آل عِمْرَان: ١٠٤]، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ فِي حَالَتَينِ:
١ - إِذَا كَانَ المُنْكَرُ فِي مَوضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا هُوَ.
٢ - إِذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ إِزَالَتِهِ إِلَّا هُوَ، كَمَنْ يَرَى زَوجَتَهُ أَو وَلَدَهُ أَو غُلَامَهُ عَلَى مُنْكَرٍ.
- قَالَ الشَّيخُ مُلَّا عَلِي القَارِيّ رَحِمَهُ اللهُ: " ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ المُنْكَرُ حَرَامًا وَجَبَ الزَّجْرُ عَنْهُ، وَإِذَا كَانَ مَكْرُوهًا نُدِبَ، وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ أَيضًا تَبَعٌ لِمَا يُؤْمَرُ بِهِ؛ فَإِنْ وَجَبَ فَوَاجِبٌ، وَإِنْ نُدِبَ فَمَنْدُوبٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الحَدِيثِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ شَامِلٌ لَهُ" (٢).
- عِنْدَ تَغْيِيرِ المُنْكَرِ تُرَاعَى أُمُورٌ، هِيَ:
١ - العِلْمُ: وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ هَذَا الأَمْرُ مُنْكَرًا وَاضِحًا يَتَّفِقُ عَلَيهِ الجَمِيعُ، أَو فِيهِ خِلَافٌ ضَعِيفٌ غَيرُ مُعْتَبَرٍ.
وَأَيضًا أَنْ يَسْتَبِينَ كَونُ الأَمْرِ مُنْكَرًا فِي حَقِّ المُنْكَرِ عَلِيهِ بِدُونِ التِبَاسٍ، كَالإِنْكَارِ عَلَى امْرَأَةٍ تَاكُلُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لِعِلَّةِ حَيضِهَا! وَهُوَ أَمْرٌ خَفِيٌّ.
وَمِنْ جُمْلَةِ العِلْمِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ هُنَا مَعْرِفَةُ حَالِ المَدْعُوِّ، وَطَرِيقَةِ الدَّعْوَةِ، وَمَادَّةِ
(١) عَونُ المَعْبُودِ (١١/ ٣٣٦).(٢) مِرْقَاةُ المَفَاتِيحِ (٨/ ٣٢٠٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute