المسألة الثامنة: هل مقدار القلتين (١) على وجه التقريب أو التحديد؟
هذه المسألة يدور الخلاف فيها بين من يعتبر القلتين ضابطاً للقليل والكثير من الماء وهم الشافعية والحنابلة-كما سيأتي- وغير واردة على مذهب الذين لا يرون القلتين ضابطاً في تحديد الماء قلة أو كثرة، وهم الحنفية (٢) والمالكية (٣).
اختيار القاضي:
اختار القاضي -رحمه الله -أن مقدار القلتين على سبيل التحديد لا التقريب مخالفاً في اختياره المشهور من مذهب الحنابلة كما سيأتي في ذكر الأقوال.
فقد ذكر المرداوي -رحمه الله -مقدار القلتين والخلاف فيه ثم قال:(وهل ذلك تقريب، أو تحديد؟ على وجهين ... الوجه الثاني: أنه تحديد ... وهو اختيار القاضي)(٤).
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن تحديد مقدار القلتين وقع على وجه التقريب لا التحديد.
وهو مذهب الشافعية (٥)، والمشهور من مذهب الحنابلة (٦).
القول الثاني: أن مقدار القلتين محدد ومعلوم على وجه التحديد لا التقريب.
وهو وجه عند الشافعية (٧)، ووجه عند الحنابلة، اختاره القاضي كما تقدم.
(١) القلتان: (هما تثنية قلة، وهي اسم لكل ما ارتفع وعلا، ومنه قلة الجبل، والمراد هنا الجرة الكبيرة، سميت قلة لعلوها وارتفاعها، وقيل: لأن الرجل العظيم يقلها بيده أي: يرفعها). انظر: المبدع (١/ ٤٠). (٢) انظر: اللباب (١/ ٦٣)،البحر الرائق (١/ ٨٧) تبيين الحقائق (١/ ٢١)، حاشية ابن عابدين (١/ ١٩١). (٣) انظر: الفواكه الدواني (١/ ١٢٥)،الشرح الكبير (١/ ٤٨). (٤) انظر: الإنصاف (١/ ٦٩). (٥) انظر: الوسيط (١/ ٣٢٥)،فتح العزيز (١/ ٢٠٧)،المجموع (١/ ١٢٢)، الإقناع (١/ ٢٤). (٦) انظر: الكافي (١/ ٣١)، المغني (١/ ١٩)، دقائق أولي النهى (١/ ٢٤)،كشاف القناع (١/ ٤٣). (٧) انظر: الحاوي الكبير (١/ ٣٣٥)،حلية العلماء (١/ ٦٩).