وهذا التقدير ليس معهم به نصٌّ من الإمام، ولا دليل من جهة (١) الشريعة.
وقال الخراسانيون منهم: إن كانت المسافة تقرُب الإِصابة فيها؛ صح تعيينها، وإن تعذّرت الإصابة فيها لم يصح، وإنْ كانت بحيث يقطعها السهم وتندُر الإصابة (٢) فوجهان.
قلت: وهذا أقرب إلى الصواب، فإنهم إذا جَوَّزوا تقديرها بثلاث مئة وخمسين ذراعًا، أو بثلاث مئة، ولم يجوِّزوا الرمي على البُعْد، بل على الإصابة = لم تحصل الإصابة في هذه المسافة إلا اتفاقًا، وكلما بعدت المسافة عَزَّت الإصابة، ولهذا رمْيُ الغرض لا يكون إلا مع مسافة يمكن فيها الإصابة غالبًا، وهذه ثلاثة: قصيرة، وطويلة، ومتوسطة، ولهذا يبتدئ المتعلم بالقريب، ثم بالمتوسط، ثم بالبعيد، فالذي يصيب ما جرت به العادة في الثلاثة (٣) هو الرامي حقيقة.
الرابع: أن يكون العِوَض معلومًا، ويجوز أن يكون معينًا وموصوفًا، وأن يكون حالًّا ومؤجلًا، وأن يكون من جنس ومن أجناس، وأن يكون بعضه حالًّا وبعضه مؤجلًا.
الخامس: أن يكون مقدورًا على تسليمه، فلو جعله عبدًا آبقًا، أو فرسًا شاردًا، أو جوهرة في البَحْر، أو طيرًا في الهواء يحصله له = لم
(١) من (ظ)، (ح). (٢) من قوله (فيها) إلى (الإصابة) من (ظ). (٣) وقع في (مط، ح) زيادة "بنبال الثلاثة"، وكأنَّها مقحمة من النساخ.