احْتَاط فيه سندًا ومتنًا، ولم يروِ فيه إلا ما صحَّ عنده: ما أنبأنا به أبو علي - ثم ساق بسنده إلى الإِمام أحمد من "المسند - قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي التَّيَّاح قال: سمعتُ أبا زُرْعَة يحدِّث عن أبي هريرة عن النبي ﷺ: أنه قال: "يُهْلِكُ أُمَّتي هذا الحيُّ من قريش"، قالوا: فما تأمرنا به يا رسول الله؟ قال: لو أنَّ الناس اعتزلوهم"(١).
قال عبد الله (٢): قال لي أبي في مرضه الذي ماتَ فيه: اضْرِب على هذا الحديث؛ فإنه خِلاف الأحاديث عن النبي ﷺ. يعني: قوله: "اسْمَعُوا وأطِيْعُوا".
قال أبو موسى:"وهذا - مع ثقة رجال إسناده - حين شذَّ لفظُه عن الأحاديث المشاهير، أمر بالضَّرب عليه، فدلَّ ذلك (٣) على ما قلناه، وفيه نظائر له".
قلت: هذا لا يدلُّ على أنَّ كلَّ حديثٍ في "المسند" يكون صحيحًا عنده، وضَرْبُه على هذا الحديث - مع أنه صحيح أخرجه أصحاب الصحيح - لكونه عنده خلاف الأحاديث، والثابت المعلوم من سُنَّتِه ﷺ في الأمر بالسَّمْع والطَّاعة، ولزوم الجماعة، وتَرْك الشُّذُوذ
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٠١) (٨٠٠٥) والبخاري في صحيحه في (٦٥) المناقب، (٢٢) باب: علامات النبوة في الإسلام (٣/ ١٣١٩) رقم (٣٤٠٩). ومسلم في صحيحه في (٥٢) الفتن وأشراط الساعة رقم (٢٩١٧). (٢) انظر المسند (٢/ ٣٠١). (٣) من (ظ). وفي خصائص المسند (ص ١٨) (فقال عليه، ما قلناه).