وجاء في (البرهان): "إن كل ظن يتصل بعد (أنْ) الخفيفة فهو شك كقوله {إن ظنا أن يقيما حدود الله}[البقرة: ٢٣٠]، وقوله:{بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول}[الفتح: ١٢]، وكل ظن يتصل بعد (أنّ) المشددة فالمراد به اليقين كقوله: {إني ظننت أني ملاق حسابيه}[الحاقة: ٢٠]، {ظن أنه الفراق}[القيامة: ٢٨].
والمعنى فيه: إن المشددة للتأكيد فدخلت على اليقين، وإن الخفيفة بخلافها فدخلت في الشك، مثال الأول، قوله سبحانه وتعالى:{وعلم أن فيكم ضعفا}[الأنفال: ٦٦]، ذكره بـ (أنّ) وقوله: {فاعلم أنه لا إله إلا الله}[محمد: ١٩].
ومثال الثاني:{وحسبوا أن لا تكون فتنة}[التوبة: ٧١]، والحسبان الشك فإن قيل: يرد على هذا الضابط قوله: {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه}[التوبة: ١١٨]، قيل لأنها اتصلت بالفعل (١) ".
وعند النحاة أنها للظن في الظاهر مع احتمال اليقين في بعض المواضع (٢)، وجاء في (شرح المفصل) لابن يعيش: "وقد يقوي الراجح في نظر المتكلم فيذهب بها مذهب اليقين، فتجري مجرى علمت، فتقتضي مفعولين أيضا من ذلك قوله تعالى:{ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها}[الكهف: ٥٣]، فالظن ههنا يقين، لأن ذلك الحين ليس حين شك، ومنه قول الشاعر:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرد
والمراد اعملوا ذلك وتيقنوه لأنه إخراجه مخرج الوعيد ولا يحصل ذلك إلا مع اليقين (٣) ".
(١) البرهان ٤/ ١٥٦ - ١٥٧، وفي الاتقان ١/ ١٦٤، وأجيب بأنها هنا اتصلت بالاسم وهو ملجأ، وفي الأمثلة السابقة اتصلت بالفعل، ذكره في البرهان، وهو أصح من نص البرهان المذكور. (٢) الرضي ١/ ٢٤٨، أسرار العربية ١٥٦ (٣) ابن يعيش ٧/ ٨١