إن أفعال القلوب سميت كذلك لأنها أفعال قلبية باطنة لا ظاهرة حسية مثل ضرب وأكل ومشى. وهذه الأفعال منها ما هو لازم كقولك: جَبُن خالد وفرح ورغب، ومنها ما هو متعد وهو قسمان: منها ما يتعدى إلى واحد نحو كرهت خالدا وخفت الله، ومنها ما يتعدى إلى مفعولين (١)، وهذا القسم هو المقصود في هذا الباب.
اختصت أفعال القلوب:" بجوار أعمالها في ضميرين متصلين لمسمى واحد فاعلا والآخر مفعولا نحو ظننتني .. الحق بأفعال هذا الباب في ذلك رأي البصرية والحلمية بكثرة، وعدم، وفقد، ووجد بقلة، كقول الشاعر:
ولقد أراني للرماح دريئة
وقوله تعالى:{إني أراني أعصر خمرا}[يوسف: ٣٦].
وحكى الفراء: " عدمتني، وفقدتني، ووجدتني، وذلك على سبيل المجاز لا الحقيقة" (٢)، ولا يقال: " ضربتني اتفاقا، لئلا يكون الفاعل مفعولا، بل ضرت نفسي وظلمت نفسي ليتغاير اللفظان" (٣).
وقد قسم النحاة هذه الأفعال على قسمين:
١ - أفعال دالة على اليقين، نحو علم، ورأي، ووجد، ودرى.
٢ - أفعال دالة على الرجحان، نحو ظن، وخال، وحسب، وزعم (٤).
وقد صنفت تصنيفا آخر لا يختلف عما ذكرت (٥).
(١) ابن عقيل ١/ ١٥٠ (٢) الهمع ١/ ١٥٦، ابن يعيش: ٧/ ٨٨ - ٨٩ (٣) حاشية الخضري: ١/ ١٥١ (٤) ابن عقيل: ١/ ١٤٨ (٥) انظر الأشموني: ٢/ ٢٤، حاشية الخضري ١/ ١٤٨