قال ابن رجب:«فإن كان ساهيًا عن تكبيرة الإحرام فقال مالك في الموطأ تجزئه، وهو رواية حنبل، عن أحمد»(١).
وقال الحسن وقتادة والأوزاعي وغيرهم:«من نسي تكبيرة الاستفتاح، وكبر للركوع، وهو مع الإمام، فقد مضت صلاته»(٢).
ففرقوا بين المنفرد والمأموم، وبين المتعمد والناسي، والتفريق له مأخذان:
أحدهما: أن المأموم إذا أدرك الإمام في الركوع، فكبر تكبيرة واحدة، فإنه تجزئه، وتنعقد صلاته، يعني: وقد نوى بتكبيرة الركوع الدخول في الصلاة.
المأخذ الثاني: أن الإمام يتحمل عن المأموم التكبير، كما يتحمل عنه القراءة، وقد صرح بهذا المأخذ الإمام أحمد في رواية حنبل.
قال حنبل: سألت أبا عبد الله عن قوله: إذا سها المأموم عن تكبيرة الافتتاح، وكبر للركوع، رأيت ذلك مجزئًا عنه؟ فقال أبو عبد الله: يجزئه إن كان ساهيًا؛ لأن صلاة الإمام له صلاة.
ذكر هذه الرواية أبو بكر عبد العزيز في كتاب الشافي، قال ابن رجب: وهذه رواية غريبة عن أحمد، لم يذكرها الأصحاب، والمذهب عندهم أنه لا يجزئه.
ونقل إسماعيل بن سعيد، عن أحمد، فيمن ترك تكبيرة الافتتاح في الصلاة قال: إن تركها عمدًا لم تجزئه صلاته.
ومفهومه: أنه إن تركها سهوًا أجزأته. قال ابن رجب: وينبغي حمل ذلك على المأموم خاصة كما نقل حنبل
وهذا المأخذ هو مأخذ من فرق بين الإمام والمنفرد وبين المأموم، ولو كان مأخذه: أن صلاته انعقدت بالتكبيرة في الركعة الثانية لم يكن بين الإمام والمأموم
(١). فتح الباري لابن رجب (٦/ ٣١٧). (٢). انظر فتح الباري لابن رجب (٦/ ٣١٤)، مسائل حرب الكرماني من أول كتاب الصلاة (ص: ٣٦)،.