[م-٤٧٥] واختلفوا في قراءة المأموم في الصلاة الجهرية إذا كان لا يسمع قراءة إمامه لبعدٍ أو صممٍ أو نحوهما، أيمتنع عن القراءة اعتبارًا بصفة الصلاة وكونها جهرية، أم يقرأ اعتبارًا بحال المصلي؟ على قولين:
فقيل: تستحب له قراءة ما زاد على الفاتحة، وهو مذهب الشافعية، وقول في مذهب المالكية، ونص عليه أحمد (١).
قال ابن مفلح في الفروع:«وإن لم يسمعه لبعدٍ قرأ في المنصوص ... ولِطَرَشٍ فيه وجهان»(٢).
والمشهور في المذهب أن الأطرش يقرأ إلا أن يخشى أن يؤذي من بجانبه.
وقال في المغني:«فإن لم يسمعه لبعد قرأ، نص عليه. قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله رحمه الله: فيوم الجمعة، قال: إذا لم يسمع قراءة الإمام ونغمته قرأ، فإذا سمع فلينصت قيل له: فالأطرش؟ قال لا أدري فيحتمل أن يشرع في حقه القراءة؛ لأنه لا يسمع، فلا يجب عليه الإنصات كالبعيد، ويحتمل أن لا يقرأ كي لا يخلط على الإمام»(٣).
* دليل هذا القول:
أن المأموم إذا لم يسمع قراءة الإمام صارت الجهرية في حقه كالسرية، بجامع أن كُلًّا منهما يقرأ فيها الإمام، ولا تسمع قراءته.
ولأن الصلاة شرعت لإقامة ذكر الله تعالى، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[طه: ١٤].
وإقامة الذكر في الصلاة إما بفعله أو بالتعبد باستماعه، فلا يُتَعَبَّدُ في الصلاة بالسكوت المجرد من الذكر أو الاستماع.
ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا قُرِاءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ