قال الفَارَابِى ٣): أصْلُ مُنذُ كَلِمَتَيْن مِن وإذْ جُعِلَتَا كِلمَةً وغُيَّرَ بنَاؤُهما، وهي في الزمان كَمِن في المكانِ، وقد يَكونُ حرفاً واسْماً بمعنَى أمَدِ الشىء وَمبدئِه. وقيل: أصْلُه من ذُو ومُذْ بِمَعْناه حُذِفت نُونُه.
(منن) - في حديث سَطِيحٍ:
* يا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ (١) *
قال ثَعْلَبُ:(٢) هذا كما تقول: أعْيَت فُلاناً وفُلاناً.
وقد يَعْمَلُ فيه الإعْرابُ إذا قال: رِأيتُ رَجُلاً، قلتَ: مَنَا، وإذا قال: رأيتُ رَجُلَين، قُلتَ: مَنَيْن، والجمعُ مَنُونَ، وأنشَدَ الفرَّاءُ:
أَتَوْا نارِى فقلتُ: مَنُونَ أَنتُم
فقالُوا: الجنُّ، قلتُ: عِمُوا ظَلَاما (٣)
: أي انْعَمُوا (٤ أي أَعيَتْ كُلَّ مَن جَلّ قدْرُه، ثم حَذَف الصِّلَة كما في الَّلتَيَّا والتى إيذاناً، فإنّ ذلك. مما تَقصُر العِبارة عنه لعِظَمِه، قال خِطامٌ المُجاشِعِىُّ:
* ثمَّ أَناخُوها إلى مَنْ ومَنْ ٤) *
(١) في غريب الحديث للخطابى ١/ ٦٢٣، ومنال الطالب/ ١٥٤، ١٥٥ وما بعدهما. (٢) ن: هذا كما يقالُ: أعْيَا هذا الأمرُ فلانا وفلانا، عند المُبَالَغةِ والتعظيم: أي أعيَتْ كُلَّ مَنْ جَلّ قدْرُه، فحُذِفَ. يعنى أن ذلك مماَ تَقْصُر العِبارَة عنه لِعِظَمِه، كما حذَفُوها من قولهم بَعْدَ الَّلتَيَّا والّتى، اسْتِعْظَاماً لِشأْن المحذوف. (٣) غريب الحديث للخطابى ١/ ٦٢٤ واللسان والتاج (منن) والنوادر في اللغة/ ١٢٣، وعُزِى لُشمَيْر بن الحارث الضَّبّى. (٤ - ٤) سقط من ب، جـ والمثبت عن أ.