واعلم أنّ من لغته أن يقدم على الفاعل علامة تثنية وجمع، فيقول: مررت برجلين حسنا غلامهما، وبرجال حسنوا غلمانهم، فإنه يقول: مررت برجلين حسنين غلاماهما، وبرجال حسنين غلمانهم، وإلى هذا أشار بقوله: وتجمع جمع المذكر السالم على لغة «يتعاقبون فيكم ملائكة»(١)، وأشار بقوله: وقد تعامل غير الرافعة إلى آخره؛ إلى أنّ الصفة إذا كان معناها لسببيّ موصوفها ولم ترفعه كان معمولها مقرونا بـ «أل» وقد يعامل معاملتها إذا رفعته - في عدم المطابقة لما قبلها - فيقال: مررت برجل حسنة العين، كما يقال: حسنة عينه.
قال المصنف (٢): حكى ذلك الفراء في سورة ص وَالْقُرْآنِ (٣). قال (٤):
والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة فيقولون: مررت برجل حسنة العين، قبيح الأنف، والمعنى: حسنة عينه، قبيح أنفه (٥)، قال المصنف: فعلى هذا يقال:
٢٢٥٣ - أيا ليلة خرس الدّجاج (٦) شهدتها ... ببغداد ما كادت عن الصّبح تنجلي (٧)
-
(١) ينظر الحديث بهذه الرواية وروايات أخرى في: البخاري باب (١٦) من كتاب المواقيت، وباب (٢٣، ٣٣) من كتاب التوحيد، وموطأ مالك حديث (٨٢) من كتاب السفر، وابن حنبل (٢/ ٢٥٧). (٢) شرح المصنف (٣/ ١٠١). (٣) سورة ص: ١. (٤) يعني: قال الفراء. (٥) هذا الكلام بنصه في معاني القرآن (٢/ ٤٨٠)، والتذييل والتكميل (٤/ ٩٠٠). (٦) صحة ذلك أن يقال: خرساء دجاجها، يراجع: شرح المصنف (٣/ ١٠١)، والتذييل والتكميل (٤/ ٩٠١). (٧) البيت من الطويل، ولم ينسب لقائل معين. اللغة: ليلة خرس، أي: لم يسمع فيها صوت، وفي اللسان مادة «خرس»: خرس خرسا فهو أخرس، وسحابة خرساء لا رعد فيها. والشاهد فيه قوله: «خرس الدجاج»؛ حيث إنّ العرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة، فخرس الدجاج على معنى: خرساء دجاجها، كما يقال: مررت برجل حسنة العين؛ والمعنى: حسنة عينه، ولذلك تعامل الصفة والمعمول بـ «أل» في الجر والنصب معاملتهما، والمعمول مضاف إلى الضمير في الرفع، فشبه ثم جمع الصفة، وجعلها على حسب الثاني. ويجوز أن يقول: خرساء الدجاج، لكنه حمله على المعنى من لفظ الدجاج حيث كان جمع دجاجة. ينظر الشاهد أيضا: مجمع الأمثال (٢/ ١٦٥)، وأمالي المرتضي (١/ ٤٣٤)، وشرح الصفار (١٧١ / أ).