قال ابن مالك:(فصل: استعمل كخمسة عشر ظروف، كيوم يوم، وصباح مساء، وبين بين، وأحوال أصلها العطف كـ: تفرقوا شغر بغر وشذر مذر (١)، وجذع مذع (٢)، وأخول أخول، وتركت البلاد حيث بيث (٣)، وهو جاري بيت بيت، ولقيته كفة كفة، وأخبرته صحرة بحرة، وأحوال أصلها الإضافة كـ: بادي بدا، أو بادي بدي، وأيدي سبا، وأيادي سبا، وقد يجرّ بالإضافة الثاني من مركّب الظروف، ومن «بيت» وتالييه ويتعيّن ذلك للخلوّ من الظرفية، وقد يقال: بادئ بدء، وبادي بداء وبديء، أو بدء، وبدء ذي بدء، أو ذي بدأة أو ذي بداءة، وقد يقال: سبا بالتنوين، وحاث باث وحوثا بوثا، وكفّة عن كفّة، وألحق بهذا: وقعوا في حيص بيص، وحيص بيص والخاز باز).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (٤): قد تقدّم في باب الظروف (٥) أنّ من الظروف التي لا تتصرّف ما ركّب تركيب خمسة عشر كقولك: فلان يتعهّدنا يوم يوم، وصباح مساء؛ أي كلّ يوم؛ وكلّ صباح ومساء، واستشهدت على ذلك بقول الشاعر:
١٩٥٣ - ومن لا يصرف الواشين عنه ... صباح مساء يضنوه خبالا (٦)
-
(١) بفتح الشين والميم وبكسرهما، ومعناه: هبوا إلى كل الوجوه. (٢) في شرح التسهيل للدماميني (٢/ ٣٩١) جذع: من قولهم: لحم مجذع، أي مقطع، ومذع من قولهم: مذع السر أفشاه. (٣) بفتح الحاء والباء، وبكسرهما، والمعنى: مضيعة مبددة. (٤) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٤١٤). (٥) في التذييل والتكميل (٤/ ٣١٤): «هذا الفصل ليس من أبواب العدد في شيء إلا أنه استطرد إليه، من حيث جعل اسمين اسما واحدا مركّبا لخمسة عشر، وفي شرح المصنف: «ومن الظروف التي لا تتصرف ما ركب نحو خمسة عشر، كقولك: فلان يتعهدنا يوم يوم، وصباح مساء، أي كل يوم، وكل صباح ومساء فمثل هذا لا يستعمل إلا ظرفا ..». اه. (٦) البيت من الوافر، قائله: كعب بن زهير بن أبي سلمى الصحابي الجليل، وأحد فحول الشعراء المخضرمين. وهو في التذييل والتكميل (٣/ ٢٩٢)، والهمع (١/ ١٩٦)، وديوان كعب بن زهير (ص ٢٠١)، والدرر (١/ ١٦٧)، وشذور الذهب (ص ١٠٤). والشاهد: في قوله: «صباح مساء»؛ حيث نصب على الظرفية وجوبا؛ لأنه مما لم يضف من مركب الأحيان، فلو أضيف صدره إلى عجزه جاز استعماله ظرفا، وغير ظرف.