وقد تقدم في باب المفعول المطلق الإعلام بأنّ المبرد يحمل (عائذا) و (أقاعدا) وأشباههما على أنهما مصادر جاءت على وزن فاعل (٢)، وتبيّن هنالك ضعف مذهبه بالدليل (٣)، فلا حاجة إلى إعادته هنا.
قال ناظر الجيش: الحال جائزة الحذف في الأصل لكونها فضلة، ثم إنه قد يعرض لها ما يجعلها بمنزلة العمد، كما يعرض لغيرها من الفضلات، وحينئذ يمتنع الحذف، وذلك أمران:
أحدهما: نيابتها عمّا لا يستغنى عنه كالتي سدت مسد الخبر وكالواقعة بدلا من اللفظ بالفعل، وقد تقدم ذكرهما.
الثاني: توقّف فهم المراد على ذكرها، وذلك في صور:
الأولى: حال ما نفي عامله أو نهي عنه كقوله تعالى: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٤)، وكقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى (٥)، وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً (٦).
الثانية: الحال المجاب بها استفهام، كقولك:«جئت راكبا» لمن قال: «كيف جئت؟».
الثالثة: الحال المقصود بها حصر كقوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٧). -
(١) البيت من الوافر وهو في ديوان النابغة (ص ١١١) وشرح المصنف (٢/ ١٩٣، ٣٥٢)، واللسان «رقش». (٢) ينظر: شرح المصنف (٢/ ١٩٤، ٣٥٣)، وشرح الكافية للرضي (١/ ٢١٤) وابن يعيش (١/ ١٢٣). ومن يراجع المقتضب (٣/ ٢٢٨ - ٢٢٩) يجد أن المبرد على وفاق مع سيبويه في أن نحو: «أقائما وقد قعد الناس؟» حال حذف عاملها. ويراجع ما كتبه محققه في هذا المقام. (٣) ينظر: شرح المصنف (٢/ ١٩٤). (٤) سورة الدخان: ٣٨. (٥) سورة النساء: ٤٣. (٦) سورة الإسراء: ٣٧. (٧) سورة الإسراء: ١٠٥، وينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٥٣).