أحدها: أن يكون من المعتاد وقوعها بعد العاري، والألف واللام زائدتان.
والثّاني: أن تكون متعلّقة بـ «أكثر» مقدرا، مدلولا عليه بالموجود المصاحب للألف واللام، كأنه قال: ولست بالأكثر، وأكثر منهم حصى (٢)، وهذا التقدير شبيه بما يقال في قوله تعالى: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٣) أي: كانوا زاهدين فيه من الزاهدين.
والثالث: أن تكون «من» للتبيين، كأنّه قال: ولست بالأكثر من بينهم وإلى ما فيه من الأوجه أشرت بقولي: (ولا تصاحب «من» المذكورة غير العاري)(٤) إلى آخر الكلام، والله تعالى أعلم. هذا آخر كلام المصنف، ونتبعه الإشارة إلى أمور:
الأول: ذكر شواهد على بعض المسائل المذكورة، ذكرها غير المصنف:
منها: شاهد الفصل، بين «أفعل» وبين ما هو معمول لـ «أفعل»، قال الله تعالى: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (٥).
وقال الشاعر: -
(١) هذا البيت من السريع، وجعله العيني من الرجز وهذا غير صحيح وقائله الأعشى المشهور، يهجو علقمة بن علاثة، ويمدح عامر بن الطفيل في المنافرة التي جرت بينهما، والمعنى: بم تزعم العزة، ولست بالأكثر منه عددا والعزة لصاحب الكثرة. والشاهد في البيت قوله: «بالأكثر منهم»؛ حيث جمع فيه بين الألف واللام و «من» وأجيب بزيادة «ال» أو على تقدير: بالأكثر بأكثر منهم، والمحذوف بدل من المذكور، أو: أنّ «من» لبيان الجنس، أو هي بمعنى «في» أي: فيهم. من مراجع الشاهد: ديوان الأعشى (ص ٩٤)، واللسان «حصى»، والخصائص (١/ ١٨٥)، والأشموني (٣/ ٤٧). (٢) ينظر هذا التقدير في التذييل والتكميل (٤/ ٧١٩). (٣) سورة يوسف: ٢٠ - يعني التقدير في الآية الكريمة. (٤) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٥٨). (٥) سورة يوسف: ٣٣.