أي: مرتّبين، وقولهم:«جاؤوا الجمّاء الغفير»(١) أي: جميعا، و «أرسلها العراك»(٢) أي: معتركة، فالحال في المثال الأول صفة، وفي المثال الثاني اسم موضوع موضع المصدر، أي: جموما غفيرا، وفي المثال الثالث مصدر.
فأمّا «ادخلوا الأول فالأول» فقد ذكره سيبويه في باب ترجمته: هذا باب ما ينتصب فيه الصفة؛ لأنه حال وقع فيه الأمر وفيه الألف واللام (٣) ... ثم قال بعد كلام: وهو قولك: «دخلوا الأول فالأول» جرى على قولك: واحدا فواحدا، «ودخلوا رجلا فرجلا» ونصّ على جواز الرفع على البدل مع «دخلوا ...» ولم يجوّزه مع «ادخلوا ...» لعدم صحة البدل فيه، قال: وكان عيسى يقول:
«ادخلوا الأوّل فالأول» يعني بالرفع، قال: لأنّ معناه: ليدخل، فحمله على المعنى. انتهى (٤).
وأما (الجماء الغفير) فذكره سيبويه في باب ترجمته: هذا باب ما يجعل من الأسماء مصدرا كالمصدر الذي فيه الألف واللام نحو: (العراك) ثم قال: وهو قولك: مررت بهم الجمّاء الغفير، والناس فيها الجمّاء الغفير، فهذا ينتصب كانتصاب (العراك) ثم قال: وزعم الخليل أنّهم أدخلوا الألف واللام في هذا الحرف وتكلّموا به على نيّة ما لم تدخله الألف واللام (٥). انتهى.
قال الشيخ: وقد جعله غير سيبويه مصدرا، وسيبويه لا يرى ذلك لعدم تصرف -
(١) الجمّاء: تأنيث الجمّ، وهو الكثير. والغفير: من الغفر، بمعنى الستر والتغطية، والمراد: الجماعة الكثيرة الساترة لوجه الأرض لكثرتها. (٢) هذا المثال جزء من بيت من الوافر للبيد بن ربيعة العامري، وهو بتمامه هكذا: فأرسلها العراك ولم يذدها ... ولم يشفق على نغص الدّخال وهو في ديوانه (ص ٨٦)، وكتاب سيبويه (١/ ٣٧٢)، والمقتضب (٣/ ٢٣٧)، والذود: الطرد. والنغص: مصدر نغص الرجل ينغص، إذا لم يتم مراده، وكذلك البعير إذا لم يتم شربه. والدخال: أن يدخل القوي بين ضعيفين، أو الضعيف بين قويين فينغض عليه شربه. (٣) في الكتاب: ... لأنّه حال وقع فيه الألف واللام. (٤) ينظر: الكتاب (١/ ٣٩٧ - ٣٩٨). (٥) أي: على نية طرح الألف واللام، كما في طبعة بولاق (١/ ١٨٨)، وينظر: الكتاب (١/ ٣٧٥).