ثم قال: الجبوب: وجه الأرض، وقال الجوهري: الجبُوبُ: الأرض الغليظة، ويقال: وجه الأرض ولا يجمع (١)، قلت: هو بفتح الجيم وضم الباء الموحدة وما بعدها واو ساكنة وياء أخرى، [قوله:"لدم ضائع" أي: هالك] (٢) قوله: "أقربوه" أصله: أقربون له سقطت النون للإضافة وكذا لام الجر, قوله:"إلا الصبا" وهي الريح الشرقية، ويقال لها: القبول، وهي تهبُّ من شرق الاستواء، وهو مطلع الشمس في زمن الاعتدال، والدبور -بفتح الدال مقابلها، وهي الريح الغربية؛ فإنها تهب من مغرب الشمس.
الإعراب:
قوله:"لدم" اللام للتعليل، و"ضائع": صفة الدم, قوله:"تغيب" فعل ماض، و"أقربوه": فاعله، وقوله:"عنه": جار ومجرور متعلق بتغيب, قوله:"إلا الصبا": استثناء من "تغيب عنه أقربوه" على طريق الإبدال مع أن تغيب موجب، فلا يجوز الإبدال في الموجب، ولكن لما كان معنى تغيب لم يحضر فحينئذ كان منفيًّا، وإذا تقدم [النفي](٣) لفظًا أو معنًى جاز الإبدال، وهذا موضع الاستشهاد وهو ظاهر (٤).
ويقال: يلزم من هذا اجتماع أمرين: حمل المثبت على المنفي بضرب من التأويل والإبدال في المنقطع؛ لأنه ليس من جنس الأقربين؛ ألا ترى أن أقربوه جمع لمن يعقل، ويقال:"إلَّا" هاهنا صفة للضمير، وفيه نظر، قال ابن هشام: والحق أن الاسمين مبتدأ ومعطوف، والخبر محذوف.
وقال ابن مالك: إلا هاهنا بمعنى لكن، والتقدير: لكن الصبا والدبور لم يتغيبا عنه، وذلك كما في قوله ﷺ(٥): "كل أمتي معافى إلا المجاهرون بالمعاصي" أي: لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون، وبمثل هذا تأوَّل الفراء قراءة بعضهم:(فشربوا منه إلا قليل منهم)، [أي: إلا قليل منهم](٦)، لم يشربوا (٧).
(١) الصحاح مادة: "جبب". (٢) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٣) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٤) ينظر شرح الأشموني بحاشية الصبان (٢/ ١٤٤)، وابن الناظم (٢٩٥)، ط. دار الجيل. (٥) صحيح البخاري (٨/ ٣٠)، ط. النسخة الأميرية (١٣١٤ هـ) تسعة أجزاء. كتاب الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه، والرواية فيه بالنصب: "إلا المجاهرين" وبقيته: "وإن من المجانة أن يعمل الرجل بالليل عملًا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله". (٦) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٧) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٨٣، ٢٨٤).