واختاره أيضًا المعتزلة وأبو الحسين البصري (١). والمتأخرون من أئمة الزيدية، وهو أيضًا مذهب الإباضية، كما نصّ على ذلك السالمي في "طلعة الشمس"(٢).
٢ - وقال قوم: إن الأمر يقتضي المرة الواحدة لفظًا، فإذا ورد الأمر في الكتاب والسنة: فالخروج من العهدة: يكون بالإتيان بمرة واحدة؛ لأن الأمر يدل عليها بذاته.
والفرق بين هذا المذهب وسابقه - كما يلاحظ - أن المرة هناك لا يدل عليها الأمر بذاته، وإنما هي أقل ما به يتأدى المأمور به، أما هنا: فالمرة الواحدة بخصوصها: يدل عليها الأمر بذاته. فمدلوله هناك مطلق الطلب، ومدلوله هنا المرة الواحدة.
وقد عزا هذا المذهب أبو إسحاق الإسفراييني إلى أكثر الشافعية وقال:(إنه مقتضى كلام الشافعي وإنه الصحيح الأشبه بمذاهب العلماء، وهو رواية عن أبي الحسين البصري).
على أن ابن الحاجب لم يصرح بأصحاب هذا المذهب، وإنما عبر عنهم بالكثير، وقال العضد:(وقال كثير مثل أبي الحسين وغيره: هو للمرة ولا يحتمل التكرار)(٣) وعزاه الشوكاني إلى أبي علي الجبائي وأبي عبد الله البصري وأبي هاشم وإلى جماعة من قدماء الحنفية (٤).
(١) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ٢٠) فما بعدها، "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ١٢٣) فما بعدها، "مختصر المنتهى" مع "شرحه للعضد" و "حاشية السعد" (٢/ ٨١)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣١١)، "نهاية السول" للإسنوي مع "المنهاج" للبيضاوي (١/ ٢٦٩) على "هامش التقرير والتحير"، "إرشاد الفحول" (ص ٩٢). (٢) راجع: "الفصول اللؤلؤية" (٥٣ - ٥٤)، مخطوطة دار الكتب المصرية، "طلعة الشمس مع الشرح" للسالمي الإباضي (٢/ ٤٦). (٣) راجع: "مختصر المنتهى" مع "شرح العضد" و "حاشية السعد" (٢/ ٨٠)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣١١) "إرشاد الفحول" (ص ٩٢). (٤) راجع المصدر السابق (ص ٩٢).