فالرويبضة: هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها، ولكن استعماله بهذا المعنى في الحديث غريب. ولذلك جاء في تتمة الخبر سؤال السامعين عن المراد به حيث قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ فقال ﵇ مبيِّنًا:"الرجل التافه ينطق في أمر العامة"(١).
فكان المعنى: أن من أشراط الساعة: أن ترى الرجل العاجز التافه الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، يُقحم نفسه فيتكلم في الأمور العامة مع أنه - لعجزه وتفاهته - لا يُحسن أموره الخاصة (٢).
حكم المجمَل:
وفي ضوء تعريف المجمَل وبيان أنواعه، وما يذكره العلماء من موجَبه وموارده: يمكن أن نقرر أن حكم المجمَل هو: اعتقادُ حقية المراد منه، وعدمُ العمل به حتى يرد بيان المراد منه، وطلبُ البيان من المُجْمِل واستفساره ليبيّنه.
قال شمس الأئمة السرخسي في ذلك:(وحكمه - يعني المجمَل - اعتقاد الحقية فيما هو المراد، والتوقف فيه إلى أن يتبين بيان المُجْمِل، ثم استفسارُه ليبينه)(٣).
أما السعد التفتازاني: فلم يعرض لمسألة اعتقاد الحقية والتوقف فيما هو المراد، وكأنه اعتبرهما من المسلّمات، واكتفى بذكر الاستفسار، وطلب البيان فقال:(وحكم المجمَل الاستفسار وطلب البيان من المجمِل)(٤).
(١) الحديث ذكره ابن الأثير في "النهاية" (١/ ٥٨)، وفي "اللسان" لابن منظور. قال أبو عبيد: ومما يثبت حديث الرويبضة الحديث الآخر: "من أشراط الساعة أن يرى رعاء الشاء رؤوس الناس" (٧/ ١٥٣) مادة (ربض). (٢) راجع: الشيخ زكي الدين شعبان "دلالة الكتاب والسنة على الأحكام الشرعية" (ص ٢٨). (٣) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٦٨) قلت: وقد تابع السرخسي في هذا كثيرون. راجع على سبيل المثال: "المنار" للنسفي وشروحه وحواشيه (١/ ٣٦٦)، "المرآة" (١/ ٤١٠). (٤) راجع: "التلويح" للتفازاني مع "التنقيح" لصدر الشريعة (١/ ١٢٧).