المختار لما ذكر في المسائل المتقدمة ثم قال:(ومَن نازع في ذلك فلا يخرج في احتجاجه - على مذهبه - عما ذكرناه فيما تقدم، وقد عرف ما فيه)(١).
ورأينا ابن الحاجب وغيره يستدلون لإثبات مفهوم الصفة بقوله تعالى لنبيه ﷺ في شأن الاستغفار للمنافقين: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠] حيث قال رسول الله ﷺ: "لأزيدن على السبعين"(٢) وفُهم منه أن ما زاد على السبعين: فحُكمه بخلاف السبعين.
قال العضد الإيجي:(وذلك مفهوم العدد. وكل من قال به قال بمفهوم الصفة، فيثبت مفهوم الصفة)(٣).
فأثبت ابن الحاجب وشارحه الإيجي مفهوم الصفة عن طريق مفهوم العدد.
[رأينا في الموضوع]
على أن الباحث يرى أن العمدة في الاحتجاج لهذا المفهوم - شأن ما سبق - هي اللغة. ولقد دافع الشوكاني في "إرشاد الفحول" عن اتجاه المثبتين استنادًا إلى اللغة حين قال: (والحق ما ذهب إليه الأولون - يعني القائلين به - والعمل به معلوم من لغة العرب ومن الشرع، فإن مَن أمر بأمر وقيَّده بعدد مخصوص، فزاد المأمور على ذلك العدد أو نقص عنه: فأنكر عليه الآمر الزيادة أو النقص: كان هذا الإنكار مقبولًا عند كل من يعرف لغة العرب، فإن ادّعى أنه قد فعل ما أمر به - مع كونه نقص عنه أو زاد عليه - كانت دعواه هذه مردودة عند كل من يعرف لغة العرب)(٤).
(١) راجع: "الإحكام" (٣/ ١٣٦)، "منهاج الوصول" في أصول الزيدية (ق ٤٦/ ب). (٢) أخرجه بهذا اللفظ الطبري في "جامع البيان" وقد ورد في "الصحاح" بألفاظ مختلفة وذكر لوروده أكثر من سبب. انظر: "جامع البيان" للطبري (١٤/ ٣٩٤) فما بعد، "فتح الباري" (٣/ ١١٠، ١٨١)، "أسباب النزول" للواحدي (ص ١٩٢). (٣) انظر: "ابن الحاجب العضد والسعد" (٢/ ١٧٦). (٤) راجع: "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٨١).