على أن الاستشهاد بهذا المثال ينسجم - كما نرى - مع ما عليه ظاهر المذهب.
غير أن هنالك أقوالًا أخرى قد تُخرجه عن هذه الدائرة.
١ - من ذلك القول بترجيح مواليه الذين أعتقوه؛ شكرًا لإنعامهم كما هو مروي عن أبي يوسف ﵀، وإن كنا وافقنا - كما سبق - صاحب العناية بما ردّ به هذا الترجيح (١).
٢ - ومنها أيضًا القول: بأن الموالي عمومًا إذا اصطلحوا على أخذ الموصى به صحّ ذلك؛ لأن الجهالة تزول، كما في مسألة الإقرار لأحد هذين، وكما هو رأي الإمام محمد ﵀، قال عبد العزيز البخاري:(كذا في جامع المصنف وشمس الأئمة رحمهما الله تعالى)(٢).
٣ - وذكر ابن أمير الحاج قولًا لأبي حنيفة وأبي يوسف، بجواز الوصية المذكورة، وتكون للموالي من الفريقين (٣).
ثالثًا - النوع الثالث:
أما النوع الثالث من أنواع المجمَل: فهو ما يكون إجماله ناشئًا عن غرابة اللفظ في المعنى الذي استعمل فيه.
مثال ذلك من الكتاب لفظ "الهَلوع" في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩)﴾ [المعارج]. فإن المراد به الحريص الجزوع؛ من الهلع: وهو الحرص، أو الجزع وقلة الصبر. قال الزمخشري:(الهلع: سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مسِّ الخير، من قولهم: ناقة هلواع: سريعة السير)(٤).
(١) راجع: "الهداية" و"العناية" مع التكملة (٨/ ٤٧٥). (٢) انظر: "كشف الأسرار" مع "أصول البزدوي" (١/ ٤٣). (٣) "التقرير والتحبير" (١/ ١٥٩) مع "التحرير". (٤) "الكشاف" (٤/ ٤٩٠).