[المطلب الأول التأويل في اللغة، وفي عرف السلف ومن بعدهم]
أولًا - التأويل في اللغة:
التأويل في اللغة هو: من آل الشيءُ يؤول إلى كذا، أي رجع إليه. قال أبو عبيدة معمر بن المثنى (١): (التأويل: التفسير، والمرجع والمصير)(٢).
وهذا ما قرّره أبو جعفر الطبري حيث قال: (وأما معنى "التأويل" في كلام العرب: فإنه التفسير والمرجع والمصير ..
وأصله من (آل الشيء إلى كذا: إذا صار إليه: يؤول أوْلًا ومآلًا، وأوَّلته أنا: صيّرته إليه).
وقد قيل: إن قوله تعالى: ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)﴾ [النساء: ٥٩] أي جزاء، وذلك أن الجزاء هو الذي آل إليه أمر القوم وصار إليه. وقد أنشد بعض الرواة قول الأعشى:
على أنها كانت تأوَّلُ حُبَّها … تأوُّلَ رِبْعِيِّ السِّقَابِ فأَصْحَبَا (٣)
وفي "الصاحبي" لابن فارس (٤): التأويل آخر الأمر، وعاقبته، يقال:
(١) هو معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري، كان إباضيًا من أئمة اللغة والأدب، ومن حفّاظ الحديث. قال الجاحظ: لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه. له نحو مائتي مؤلِّف منها: "مجاز القرآن"، "معاني القرآن"، "إعراب القرآن"، "طبقات الشعراء". توفي سنة ٢٠٩ هـ. (٢) "مجاز القرآن" (١/ ٨٧) طبع سنة ١٣٧٤ هـ. وانظر: "لسان العرب". (٣) الربعي: الذي ولد في النتاج، والسقاب: جمع سَقْب بفتح فسكون هو ولد الناقة ساعة وضعه إذا علم أنه ذكر، وأصحب: ذل وانقاد وأطاع ويعني بقوله "تأول حبها": تغير حبها ومرجعه. وإنما يريد بذلك أن حبها كان صغيرًا في قلبه، فآل من الصغر إلى العظم، فلم يزل يشب حتى أصحب فصار كبيرًا مثل أمه. انظر: "الصاحبي" لابن فارس (ص ١٦٤)، "تفسير الطبري" (٦/ ٢٠٤). (٤) هو أبو الحسين أحمد بن فارس القزويني أحد أئمة اللغة العربية في القرن الرابع =