ويرى في هذه الأوجه أنها تنوعت حسب الوظيفة التي يؤديها كل واحد منها كما أسلفنا، فما كان وظيفته التقرير سمي: بيان التقرير. وما أدى غرض التفسير سمي: بيان التفسير، وهكذا … وذلك فيما عدا بيان الضرورة الذي سمّاه الآخرون باسم سببه كذلك؛ لأنه بيان بسبب الضرورة.
ومن هنا قرر العلماء: أن إضافة البيان إلى التقرير، والتغيير، والتبديل، هي من قبيل إضافة الجنس إلى نوعه، كما في قولنا: علم الفقه، وعلم الطب … إلخ، أي بيانٌ، هو تقرير، وكذا في الباقي.
أما إضافة البيان إلى الضرورة في قولهم: بيان ضرورة، فذلك من قبيل إضافة الشيء إلى سببه، أي بيانٌ يحصل بالضرورة (١).
وبيان التقرير: هو تأكيد الكلام بما يقطع احتمال المجاز، إن كان المراد بالكلام المؤكَّد حقيقتَه، أو بما يقطع احتمال الخصوص؛ إن كان المؤكَّد عامًا (٢).
فمن الأول - وهو ما يقطع احتمال المجاز - لفظ: ﴿يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ من
(١) انظر: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري، شرح "أصول البزدوي" (٣/ ٨٢٦). (٢) قال البزدوي: (أما بيان التقرير: فتفسيره أن كل حقيقة تحتمل المجاز، أو عام يحتمل الخصوص، إذ ألحق به ما يقطع الاحتمال: فهو بيان تقرير) وقال السرخسي: (فأما بيان التقرير: فهو في الحقيقة التي تحتمل المجاز والعام والذي يحتمل الخصوص). انظر: "أصول البزدوي" (٣/ ٨٢٥ - ٨٢٦) "أصول السرخسي" (٢/ ٢٨) هذا: ويلاحظ أن في ذكرنا للحقيقة التي تحتمل المجاز، والعام الذي يحتمل الخصوص، احترازًا عما لا يدخل في حيز واحد من هذين الاحتمالين من مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ فإنه لا يحتمل المجاز ولا يحتمل الخصوص.