أ - فقد ورد عن ابن عمر ﵄ قال:"فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة"(١).
ب - وفي رواية أخرى عن عبد الله بن عمر أيضًا:"فرض رسول الله ﷺ صدقة الفطر - أو قال: رمضان - على الذكر والأنثى، والحر والمملوك: صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، قال: فعدل الناس به نصف صاع من بر على الصغير والكبير"(٢).
فالموضوع في النصين واحد: وهو زكاة الفطر، والحكم فيهما واحد أيضًا، وهو وجوب زكاة الفطر، وجاء الإطلاق والتقييد في سبب الحكم، وهو من يمونه المزكي؛ فإنه سبب لوجوب صدقة الفطر.
ففي الرواية الأولى: جعل سبب وجوب هذه الصدقة: من يمونه المزكي ويلي عليه من المسلمين، وفي الرواية الثانية: جعل سبب الوجوب من يمونه المزكي مطلقًا، سواء أكان من المسلمين أم لم يكن، فالسبب في الرواية الأولى: مقيد بصفة الإسلام، وفي الثانية: مطلق.
وعلى هذا وقع الاختلاف بين العلماء:
فالحنفية لم يحملوا المطلق على المقيد، بل عملوا بكل منهما؛ فلم يعتبروا الإسلام سببًا في وجوب صدقة الفطر: فالمسلم وغير المسلم سواء في استحقاق هذه الصدقة، عملًا بالمقيد في النص الأول، والمطلق في النص الثاني.
(١) أخرجه الأئمة الستة: البخاري (١٥٠٨)، مسلم (٩٨٤)، أبو داود (١٦١١)، الترمذي (٦٧٥)، النسائي (٢٥٠٠)، ابن ماجه (١٨٢٥) عن ابن عمر ﵄، وفي رواية من دون: "وأمر بها … "، وانظر: "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (٤/ ١٥٣)، "بلوغ المرام" مع "سبل السلام" (٢/ ١٨٦). (٢) انظر: "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (١/ ٤١٥)، "نصب الراية" للزيلعي (٢/ ٤٠٦) "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني (ص ١٣٥) تحقيق المؤلف.