وغيره من اللغويين أن العرب تقول: أَقْرأَت المرأة إذا طهرت، وأَقْرأَت: إذا حاضت، وذلك أن القرء في كلام العرب معناه الوقت فلذلك صلح للظهر والحيض معًا.
ولعل على ذلك قول الشاعر:
شنئت العَقر عَقربني شَليل … إذا هبت لقارئها الرياح (١)
وقد جاء القرء بمعنى الطهر في قول الأعشى:
أفي كل عام أنت جاشم غزوة … تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثةً مالًا وفي الحي رفعة … لما ضاع فيها من قروء نسائكا
أي: لما ضاع من أطهار زوجاته وذلك لاشتغاله بالغزو والقتال عن الاستمتاع بهن.
وجاء القرء بمعنى الحيض في قوله ﷺ بشأن أحكام المستحاضة:
"تدع الصلاة أيام أقرائها"(٢) أي: أيام حيضها لأنها هي المدة التي يجب فيها ترك الصلاة.
وهو في الآية الكريمة ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] يحتمل كلًا من الطهر والحيض.
فإن حملناه على الطهر، كان الواجب على المطلقة أن تعتد بثلاثة أطهار، فإن احتسبنا الظهر الذي وقع الطلاق فيه من العدة: اعتبرت العدة
(١) شليل: هو جد جرير بن عبد الله البجلي، والبيت لمالك بن الحارث الهذلي، وانظر: "الإنصاف" للبطليوسي (ص ١٣). (٢) من حديث أخرجه أبو داود (٢٩٧) وابن ماجه (٦٢٥) والترمذي (١٢٦) عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده: أن رسول الله ﷺ قال في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة، وتصوم وتصلي". وروى أحمد (٢٦٢٠٠) وابن ماجه من حديث فاطمة بنت أبي حبيش أن الرسول ﷺ قال لها: "اجتنبي الصلاة أيام محيضك" "نصب الراية" (١/ ٢٠٣)، "تخريج أحاديث البزدوي" للقاسم بن قطلوبغا مخطوط دار الكتب المصرية (ص ٤٧)، "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (١/ ٢٩٧ - ٢٩٨).