وهكذا رجع أبو حنيفة العام على الخاص لتوافر هذه المرجحات (١).
وذهب الجمهور إلى تخصيص الحديث الأول بالثاني؛ فاشترطوا لوجوب الزكاة فيما يخرج من الأرض: أن يبلغ نصابًا قدره خمسة أوسق، فلا تجب الزكاة فيما دون ذلك (٢).
وكان ذلك بناء على تخصيص العموم الوارد في حديث "فيما سقت السماء … " بحديث الأوسق، حيث يقضي الخاص على العام فيخصصه ويبينه (٣). وهكذا اختلف الحكم في الفرع بناء على الاختلاف في الأصل - أعني القاعدة الأصولية -.
* * *
(١) وما ذهب إليه الحنفية: هو قول ابن عباس، وزيد بن علي، والنخعي. راجع: "الهداية" و "فتح القدير" (٢/ ٣): "كشف الأسرار شرح أصول البزدوي" لعبد العزيز البخاري (١/ ٢٩٨). (٢) راجع: "المهذب" الشيرازي (١/ ١٥٤) "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١١٢)، "المغني" لابن قدامة (٢/ ٦٨٩) فما بعدها. "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٦٥ - ٢٦٦). (٣) قال النووي: (اختلف العلماء في أنه: هل تجب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض .. إلا الحشيش والحطب ونحوهما أم يختص؟ فعمم أبو حنيفة وخصص الجمهور … ) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٥٤٧).