الإيراد الثاني: أن التخصيص إخراج ما يمكن دخوله تحت اللفظ. وخلاف المعقول لا يمكن أن يتناول اللفظ.
وقد أجاب عن الإيراد الأول: بأن تسمية الأدلة مخصصات تجوُّز، والمقصود أن الدليل يعرِّف إرادة المتكلم، وأنه أراد باللفظ الموضوع للعموم معنى خاصًّا: قال في ذلك: (ودليل العقل يجوز أن يبين لنا أن الله تعالى ما أراد بقوله: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٠٢، … ] نفسَه وذاته، فإنه وإن تقدم دليل العقل: فهو موجود أيضًا عند نزول اللفظ، وإنما يسمى مخصصًا بعد نزول الآية لا قبله)(١).
وأجاب عن الإيراد الثاني - وهو أن خلاف المعقول لا يمكن دخوله تحت اللفظ - بأنه يدخل تحت اللفظ من حيث اللسان، ولكن يكون قائله كاذبًا، ولما وجب الصدق في كلام الله تعالى: تبين أنه يمتنع دخوله تحت الإرادة، مع الشمول اللفظ له من حيث الوضع (٢).
٣ - دليل العرف: والعرف قولي وعملي (٣).
أ - فالقولي:(هو استعمال اللفظ في معنى هو غير تمام مدلوله، بحيث إذا أطلق انصرف إليه من غير قرينة)(٤)، وقال ابن أمير الحاج:(هو أن يتعارف قوم إطلاق لفظ المعنى بحيث لا يتبادر عند سماعه إلا ذاك المعنى)(٥).
(١) راجع: "المستصفى" (٢/ ٢٧)، مطبعة مصطفى محمد سنة ١٣٥٦ هـ أولى. (٢) راجع: المصدر السابق، وانظر: "التحرير" مع "التقرير" و"التحبير" (١/ ٢٤٣). (٣) انظر: رسالة "نشر العرف" لابن عابدين. المجموعة (٢/ ١١٥)، و"تاريخ التشريع الإسلامي ومصادره" للأستاذ محمد سلام مدكور (ص ٢٤٤). (٤) راجع: "المستصفى" (١/ ٣٤٧) فما بعد مع "مسلم الثبوت" (١/ ٣٤٥)، رسالة "نشر العرف" لابن عابدين، "العرف والعادة في رأي الفقهاء" لأحمد فهمي أبو سُنّة (ص ١٨ - ١٩). (٥) "التقرير والتحبير" مع "التحرير" (١/ ٢٨٢).