دلالة بالملفوظ الذي هو محل النطق ولكنها دلالة بما فُهم من هذا الملفوظ وهو المفهوم.
وذلك ما أشار إليه إمام الحرمين حين جعل ما يستفاد من اللفظ على نوعين: أحدهما متلقًى من المنطوق، والثاني: ما يُشعر به المنطوق، وإن لم يكن منطوقًا به، وهو المفهوم (١).
وعلى هذا تكون الدلالة: دلالةً على المنطوق، ودلالة على المفهوم فكلٌّ من المنطوق والمفهوم: مدلولٌ لا دلالة.
أما ابن الحاجب: فقد قسّم الدلالة إلى قسمين:
منطوق: وهو ما دلّ عليه اللفظ في محل النطق، أي أنه يكون حكمًا للمذكور، وحالًا من أحواله، سواء أذكر ذلك الحكم ونطق به أم لا.
ومفهوم: وهو ما دلّ لا في محل النطق، بأن يكون حكمًا لغير المذكور. وقد تابع ابنَ الحاجب في ذلك كثيرون.
قال صاحب "منهاج الوصول" من الزيدية: (اللفظ العربي في دلالته على وجهين: أحدهما: يدل على المعنى بمنطوقه أي باعتبار ما وضعه الواضع علامة له أو يستلزمه مدلوله. والآخر: يدل عليه بمفهومه لا بمنطوقه، لأنه: إما أن يدل عليه في محل النطق: فهو المنطوق، أو في غير محله: فهر المفهوم)(٢).
وعلى هذا يكون المنطوق والمفهوم قسمين للدلالة، فالمنطوق دلالة، والمفهوم دلالة (٣).
وهكذا يكون المسلك الأول قد جعل كلًا من المنطوق والمفهوم مدلولًا.
(١) راجع: "البرهان" (١/ لوحة ١٢٠). (٢) راجع: "منهاج الوصول إلى شرح معيار العقول" مخطوط دار الكتب المصرية (ق ١٤١). (٣) انظر: "مختصر المنتهى" مع "شرح العضد" و "حاشية السعد" (٢/ ١٧١)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ١١١).