فقوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)﴾ [التوبة:]. عام في كل مسكين وكل فقير، وكل عامل عليها، وكل مؤلف قلبه. وكل ما سمي رقبة إلا أن يخصَّ شيئًا من ذلك نصٌّ أو إجماع.
ب - وتساوقا مع أخذه بالظاهر وعدم الالتفات إلى التأويل: كان كل أمر عنده على الوجوب، وكل نهي على التحريم إلا إذا جاء نص أو إجماع مبني على نص يدل على غيره.
وعلى أساس هذه النظرة: قد خالف الفقهاء في كثير من المسائل.
١ - فمن ذلك أخذه من قوله تعالى: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣] أنّ مكاتبة العبد فرض لازم (١) على السيد إذا طلب العبد المكاتبة، وكان قادرًا على القيام بها.
٢ - اعتبر الزواج فرضًا على كل قادر على الوطء يجد من أين يتزوج، ولو لم يخشَ الزنى أو يترقبه (٢) - كما يقول الآخرون - أخذًا من قوله ﷺ:"يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"(٣) فظاهر الأمر الوجوب، ولا دليل يُخرجه عن هذا الظاهر.
(١) أخرج البخاري - تعليقًا - "باب المكاتب ونجومه. . ." عن موسى بن أنس أن سيرين سال أنس بن مالك المكاتبة - وكان كثير المال - فأبى، فضربه عمر بالدرة، وتلا عمر: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ وانظر: "فتح الباري" مع "الجامع الصحيح" ٥/ ٢٢٨ "الموطأ" بشرح الزرقاني (٤/ ١٠٢)، "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (١٠١ - ١٠٢)، "جامع الأصول": (٥٩٤٤). (٢) راجع: "المحلى" (٩/ ٤٤٠). (٣) رواه أحمد (١/ ٤٣٢، ٤١١٢) وأصحاب الكتب الستة، البخاري (٥٠٦٥)، مسلم (١٤٠٠)، أبو داود (٢٠٤٦) الترمذي (١٠٨١)، النسائي (٢٢٣٩)، ابن ماجه (١٨٤٥). وانظر في حكم الزواج للقادر عليه، عند العلماء: "نيل الأوطار" (٦/ ١١٠ - ١١١)، "الميزان" للشعراني (٢/ ١٢٣) - ١٢٤) والوجاء شبيه بالخصاء.