٢ - ومنها: أن يكون اللفظ في الوضع مشتركًا بين شيئين: كالقرء يقع على الحيض، ويقع على الطهر؛ فيفتقر إلى البيان.
٣ - ومنها: أن يكون اللفظ موضوعًا لجملة معلومة، إلا أنه دخلها استثناء مجهول كقوله ﷿: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ١] فإن ما أُحِلَّ من بهيمة الأنعام: قد صار مجملًا لما دخله من الاستثناء (١).
ب - أما الآمدي: فقد ردّ موارد الإجمال إلى أسباب كثيرة، كان منها بعض ما رأيناه عند أبي إسحاق الشيرازي آنفًا.
ومن أهم ما جاء به الآمدي من أسباب الإجمال ما يلي:
١ - الاشتراك في اللفظ المفرد عند القائلين بامتناع تعميمه، وذلك: إما بين مختلفين كالعين: للذهب والشمس، والمختار: للفاعل، والمفعول: أي لمن يختار ولمن يقع عليه الاختيار، أو بين ضدَّين كالقرء، للظهر والحيض.
ومثله الاشتراك في اللفظ المركب، كقوله تعالى: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧] فإن العقدة مترددة بين الزوج والولي (٢).
٢ - ومن أسباب الإجمال عند الآمدي أيضًا: تخصيص العموم بصور مجهولة؛ كما لو قال:(اقتلوا المشركين) ثم قال بعد ذلك: (بعضهم غير مرادٍ لي من لفظي) فإن قوله: (اقتلوا المشركين) بعد ذلك، يكون مجملًا غير معلوم (٣).
٣ - ومن ذلك ما يكون بسبب إخراج اللفظ في عرف الشرع، عما وضع له في اللغة عند القائلين بذلك، قبل بيانه لنا، كما في ألفاظ الصلاة، والزكاة، والحج.
(١) راجع: "اللمع" للشيرازي (ص ٢٧ - ٢٨). (٢) انظر ما سبق (ص ٢١٩) فما بعد. (٣) "الإحكام" للآمدي (٣/ ١١ - ١٣).