حول ولا قوة إلاّ بالله، وأقبل وهو يريد السير إلى ناحيتهما (٢٩)، فتركها الرجل وهرب، فأقبلت المرأة إلى أبي ميسرة، فضربت بيدها على أطواقه (٣٠) وصاحت بأعلى صوتها: معاشر المسلمين: هذا الرجل راودني عن نفسي (٣١). وأبو ميسرة ساكت، فلما رأت ما هو فيه من قلة المقدرة، تركته وقالت له: إياك أن تغيّر المنكر إلاّ ومعك غيرك (قال)(٣٢) فانصرف أبو ميسرة وهو يقول: بين مصدق ومكذب، (بين مصدق ومكذب)(٣٢)، وأقبل وهو يكرر هذا الكلام حتى انتهى إلى منزله.
قال أبو بكر أحمد بن سفيان الداودي (٣٣): أتيت أبا ميسرة (٣٤) فدخلت عليه وسألته عن حاله، وكان ضعيف البصر، وكنت حدثا ليس لي لحية، فقال لي: ما معك أحد؟ فقلت: لا، فقال لي: قم فاخرج فإذا جاء أصحابك دخلت معهم.
قال ابن الخلاف (٣٥): وأتت إليه امرأة تسأله عن شيء، فقال لها: يا هذه ارفعي صوتك، فقيل له في ذلك، فقال: خفت أن تمرض (٣٦) لي كلامها.
وقال له رجل (٣٧): ادع الله تعالى أن يكفيني الهمّ كلّه، فقال له: أما ما دمت في الدنيا. أي لا بد فيها من الهمّ (٣٨).
وشكا إليه رجل أنه لا يقوم الليل، فقال له: إذا استيقظت (٣٩) فتوضأ وصلّ ركعتين، فإذا نودي يوم القيامة: أين قوّام الليل؟ قمت معهم بتلك الركعتين.
قال أبو الحسن بن الخلاف-رضي الله عنه-لقد أعجبني هذا من قول
(٢٩) في (ب): ناحيتها. (٣٠) في الأصلين والمعالم: في اطواقه. والمثبت من (م). (٣١) في الأصلين: على نفسي. والمثبت من (م) والمدارك والمعالم. (٣٢) ساقط من (ب). (٣٣) في (ب): الراودي. وفي (م): الراوندي. (٣٤) الخبر في المدارك ٣٦٠: ٣ بتصرف. (٣٥) الخبر في المدارك (٣٦٠: ٣) بتصرف وبدون اسناد. (٣٦) في (ب): يسترص. (٣٧) قارن بالمدارك ٣٦٠: ٣. (٣٨) عبارة (ب): أما ما دمت في الدنيا فلا بدّ من الهم فيها. (٣٩) في (ب): اذا شئت.