قال خلفون التونسي: سألني رجل من أهل الدنيا أن أمضي معه ليراه، فمضيت معه، وكان الرجل الدنيوي (١) طويلا جسيما. قال: فدخلنا إليه وباب النوالة (٢) قصير لا يدخله الإنسان إلاّ منحنيا، فجلسنا عنده ساعة، فأخرج الرجل دراهم فسأله قبولها، فقال له بشير: لا حاجة لي بها انها تبتخس (٣) عندي من هواء البحر، فقال له الرجل: لا بدّ من قبولها، فوضعها (٤) بين يديه.
ثم قام ليخرج، فانحنى من قصر (٥) الباب، فأخذ بشير (٦) الدراهم فوضعها على ظهر الرجل وهو منحن (قال خلفون)(٧): فأشفق الرجل إن خرج أن تتبدّد الدراهم إن قام فبقي منحنيا (٨) وقال لي: خذ الدراهم من على ظهري، فأخذتها وبشير يضحك من فعله وخوفه عليها.
وقال خلفون: ذبح الأعرج يوما (٩) شاة-وكان أمينا على المنستير-فقال لي: يا خلفون امض بربع هذه الشاة إلى بشير، فمضيت إليه فوجدته قائما على باب نوالته، فلما رآني وضع يده على أنفه وقال لي: إليك يا خلفون الجيفة معك، /اذهب عني، قال: فمضيت بالربع في يدي ولم يقبله.
(٥٢) عبارة الاصلين: وفي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة توفي. والمثبت من (م) وهي العبارة التي تعوّد المؤلف ذكرها كلّما تجدّدت التراجم. وضمن تاريخ واحد. (*) لم يترجم له غير المالكي. (١) في الاصلين: الدنيائي. وهو خطأ. والصواب ما أثبتناه. (٢) تقدم تعريف النوالة. (٣) في (ق): بدون اعجام. وفي (ب): تنتحس. ولعلّ الصواب ما اثبتناه. وهو يعني: انها تبخس وينقص وزنها (ينظر، المعجم الوسيط: بخس). (٤) في (ب): ثم وضعها. (٥) في (ب): لقصر. (٦) في (ب): لنشير. (٧) ساقط من (ب). (٨) في (ب): منحيا. (٩) عبارة (ق): ذبح يوما الاعرج.